44

Maʿālim al-tanzīl fī tafsīr al-Qurʾān = Tafsīr al-Baghawī

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Editor

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: لَمَّا أَسْقَطُوا الْأَلِفَ رَدُّوا طُولَ الْأَلِفِ عَلَى الْبَاءِ لِيَكُونَ دَالًّا عَلَى سُقُوطِ الْأَلِفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا كُتِبَتِ الْأَلِفُ فِي "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ" (١-الْعَلَقِ) رُدِّتِ الْبَاءُ إِلَى صِيغَتِهَا وَلَا تُحْذَفُ الْأَلِفُ إِذَا أُضِيفَ الِاسْمُ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ وَلَا مَعَ غَيْرِ الْبَاءِ.
وَالِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى وَعَيْنُهُ وَذَاتُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى" (٧-مَرْيَمَ) أَخْبَرَ أَنَّ اسْمَهُ يَحْيَى ثُمَّ نَادَى الِاسْمَ فَقَالَ: "يَا يَحْيَى" وَقَالَ: "مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا" (٤٠-يُوسُفَ) وَأَرَادَ الْأَشْخَاصَ الْمَعْبُودَةَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمُسَمَّيَاتِ وَقَالَ: "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ" (١-الْأَعْلَى)، "وتبارك اسْمُ رَبِّكِ" (١) ثُمَّ يُقَالُ لِلتَّسْمِيَةِ أَيْضًا اسْمٌ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي التَّسْمِيَةِ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى [فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى التَّسْمِيَةِ مِنَ اللَّهِ لِنَفْسِهِ؟ قِيلَ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْعِبَادِ كَيْفَ يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ (٢)] .
وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ قَالَ الْمُبَرِّدُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ، فَكَأَنَّهُ عَلَا عَلَى مَعْنَاهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ، وَصَارَ مَعْنَاهُ تَحْتَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ: هُوَ مِنَ الْوَسْمِ وَالسِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ وَكَأَنَّهُ عَلَامَةٌ لِمَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ يُصَغَّرُ عَلَى السُّمَيِّ وَلَوْ كَانَ مِنَ السِّمَةِ لَكَانَ يُصَغَّرُ عَلَى الْوُسَيْمِ كَمَا يُقَالُ فِي الْوَعْدِ وُعَيْدٌ وَيُقَالُ فِي تَصْرِيفِهِ سَمَّيْتُ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْوَسْمِ لَقِيلَ: وَسَمْتُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: "اللَّهِ" قَالَ الْخَلِيلُ وَجَمَاعَةٌ: هُوَ اسْمُ عَلَمٍ خَاصٌّ لِلَّهِ ﷿ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ كَأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ لِلْعِبَادِ مِثْلَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو. وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ مُشْتَقٌّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ: مِنْ أَلَهَ إِلَاهَةً أَيْ عَبَدَ عِبَادَةً وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ "وَيَذَرَكَ وآلهتك" (١٢٧-الْأَعْرَافِ) أَيْ عِبَادَتَكَ -مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ أَصْلُهُ إِلَهٍ قَالَ اللَّهُ ﷿ "وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ" (٩١-الْمُؤْمِنُونَ) قَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ أَلَهْتُ إِلَى فُلَانٍ أَيْ سَكَنْتُ إِلَيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَهْتُ إِلَيْهَا وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ
فَكَأَنَّ الْخَلْقَ يَسْكُنُونَ إِلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّونَ بِذِكْرِهِ، وَيُقَالُ: أَلَهْتُ إِلَيْهِ، أَيْ فَزِعْتُ إِلَيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَهْتُ إِلَيْهَا وَالرَّكَائِبُ وُقَّفٌ
وَقِيلَ أَصْلُ الْإِلَهِ "وِلَاهٌ" فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ بِالْهَمْزَةِ مِثْلَ وِشَاحٍ وَإِشَاحٍ، اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَلَهِ لِأَنَّ الْعِبَادَ يَوْلَهُونَ إِلَيْهِ أَيْ يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ فِي الشَّدَائِدِ، وَيَلْجَئُونَ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ كَمَا يَوْلَهُ كُلُّ طِفْلٍ إِلَى أُمِّهِ، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَلَهِ وَهُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ لِفَقْدِ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْكَ.

(١) من نسخة (ب) .
(٢) ساقط من أ.

1 / 50