254

Maʿālim al-tanzīl fī tafsīr al-Qurʾān = Tafsīr al-Baghawī

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Editor

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ "مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ" (١) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ اللَّغْوُ كُلُّ مُطْرَحٍ مِنَ الْكَلَامِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ مَا يَسْبِقُ إِلَى اللِّسَانِ عَلَى عَجَلَةٍ لِصِلَةِ الْكَلَامِ، مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَقَصْدٍ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ وَكَلَّا وَاللَّهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَغْوُ الْيَمِينِ قَوْلُ الْإِنْسَانِ لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ، وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ (٢) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ: أَيْمَانُ اللَّغْوِ مَا كَانَتْ فِي الْهَزْلِ وَالْمِرَاءِ وَالْخُصُومَةِ وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَنْ شَيْءٍ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَمَكْحُولٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵁، وَقَالُوا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ عَلَيٌّ: هُوَ الْيَمِينُ عَلَى الْغَضَبِ، وَبِهِ قَالَ طاووس وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْيَمِينُ فِي الْمَعْصِيَةِ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِالْحِنْثِ فِيهَا، بَلْ يَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَيُكَفِّرُ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ؟ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَفَّارَتُهُ أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا وَكُلُّ يَمِينٍ لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفِيَ بِهَا فَلَيْسَ فِيهَا كَفَّارَةٌ وَلَوْ أَمَرْتُهُ بِالْكَفَّارَةِ لَأَمَرْتُهُ أَنْ يُتِمَّ عَلَى قَوْلِهِ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ دُعَاءُ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ تَقُولُ لِإِنْسَانٍ أَعْمَى اللَّهُ بَصَرِي إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا [أَخْرَجَنِي اللَّهُ مِنْ مَالِي إِنْ لَمْ آتِكَ غَدًا، وَيَقُولُ: هُوَ كَافِرٌ إِنْ فَعَلَ كَذَا] (٣) . فَهَذَا كُلُّهُ لَغْوٌ لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِهِ وَلَوْ آخَذَهُمْ بِهِ لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعُقُوبَةَ "وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ" (١١-يُونُسَ)، وَقَالَ "وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ" (١١-الْإِسْرَاءِ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ أَيْ عَزَمْتُمْ وَقَصَدْتُمْ إِلَى الْيَمِينِ، وَكَسَبَ الْقَلْبُ الْعَقْدَ وَالنِّيَّةَ ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا بِاللَّهِ أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ: فَالْيَمِينُ بِاللَّهِ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، وَالَّذِي أُصَلِّي لَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالْيَمِينُ بِأَسْمَائِهِ كَقَوْلِهِ وَاللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَنَحْوَهُ، وَالْيَمِينُ بِصِفَاتِهِ كَقَوْلِهِ: وَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَقُدْرَةِ اللَّهِ

(١) رواه مسلم: في الإيمان - باب: ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها برقم (١٦٤٩) ٣ / ٢٢٧٢.
(٢) رواه أبو داود: في الإيمان - باب: لغو اليمين ٤ / ٣٥٩ وقال المنذري (وذكر أن غير واحد رواه عن عطاء عن عائشة موقوفا) . انظر: الزيلعي في نصب الراية: ٣ / ٢٩٣.
(٣) ساقط من (أ) .

1 / 263