136

Tafsir

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Investigator

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Publisher

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edition Number

الرابعة

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

كَنْعَانَ، وَمَعْنَى الِابْتِلَاءِ الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ وَالْأَمْرُ، وَابْتِلَاءُ اللَّهِ الْعِبَادَ لَيْسَ لِيَعْلَمَ أَحْوَالَهُمْ بِالِابْتِلَاءِ، لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِهِمْ، وَلَكِنْ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ أَحْوَالَهُمْ حَتَّى يَعْرِفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتَلَى اللَّهُ بِهَا إِبْرَاهِيمَ ﵇، فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: هِيَ ثَلَاثُونَ سَمَّاهُنَّ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُبْتَلَ بِهَا أَحَدٌ فَأَقَامَهَا كُلَّهَا إِلَّا إِبْرَاهِيمُ فَكُتِبَ لَهُ الْبَرَاءَةُ، فَقَالَ تَعَالَى: "وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى" (٣٧-النَّجْمِ) عَشْرٌ فِي بَرَاءَةَ "التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ" إِلَى آخِرِهَا، وَعَشْرٌ فِي الْأَحْزَابِ "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ" وَعَشْرٌ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ" الْآيَاتِ، وَقَوْلُهُ "إِلَّا الْمُصَلِّينَ" فِي سَأَلَ سَائِلٌ (١) . وَقَالَ طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ وَهِيَ: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَالسِّوَاكُ، وَفَرْقُ الرَّأْسِ، وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ: تَقْلِيمُ الْأَظَافِرِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالْخِتَانُ، وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ (٢) . وَفِي الْخَبَرِ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ﵇ أَوَّلُ مَنْ قَصَّ الشَّارِبَ، وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلُ مَنْ قَلَّمَ الْأَظَافِرَ، وَأَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ قَالَ [سِمَةُ] (٣) الْوَقَارِ، قَالَ: يَا رَبِّ زِدْنِي وَقَارًا" (٤) قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الْآيَاتُ الَّتِي بَعْدَهَا فِي قَوْلِهِ ﷿ "إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا" (١٢٤-الْبَقَرَةِ) إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ وَقَتَادَةُ: مَنَاسِكُ الْحَجِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِسَبْعَةِ أَشْيَاءَ: بِالْكَوَاكِبِ وَالْقَمَرِ وَالشَّمْسِ، فَأَحْسَنَ فِيهَا النَّظَرَ وَعَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ دَائِمٌ لَا يَزُولُ، وَبِالنَّارِ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، وَبِالْهِجْرَةِ وَبِذَبْحِ ابْنِهِ وَبِالْخِتَانِ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ إِذْ يَرْفَعَانِ الْبَيْتَ "رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا" (١٢٧-الْبَقَرَةِ) الْآيَةَ فَرَفَعَاهَا بسبحان اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [وَاللَّهُ أَكْبَرُ] (٥)، قَالَ يَمَانُ بْنُ رَبَابٍ: هُنَّ مُحَاجَّةُ قَوْمِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ" إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى -"وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ" (٨٣-الْأَنْعَامِ) وَقِيلَ هِيَ قَوْلُهُ: "الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ" (٧٨-الشُّعَرَاءِ) إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: أَدَّاهُنَّ، قَالَ الضَّحَّاكُ: قَامَ بِهِنَّ وَقَالَ: [نُعْمَانُ] (٦) عَمِلَ بِهِنَّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ يُقْتَدَى بِكَ فِي الْخَيْرِ ﴿قَالَ﴾ إِبْرَاهِيمُ

(١) انظر: البحر المحيط: ١ / ٣٧٥. (٢) انظر تفسير ابن كثير ١ / ٢٨٩، والبحر المحيط: ١ / ٣٧٥. (٣) ساقطة من ب. (٤) قال القرطبي في التفسير: ٢ / ٩٨ وفي الموطأ وغيره عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: إبراهيم ﵇ أول من اختتن ... إلخ. وانظر: الدر المنثور: ١ / ٢٨١. (٥) وفي ب يمان. (٦) ساقطة في ب.

1 / 145