280

Tafsir

تفسير الراغب الأصفهاني

Investigator

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Publisher

كلية الدعوة وأصول الدين

Publisher Location

جامعة أم القرى

نفعًا لو احترزوا بمعرفته عمن يغوى، فلم ينتفعوا به من هذا الوجه واستضروا به لاستعمالهم إياه في غير الحق ولقد علموا أن من استبدل ما جاءت به الشياطين من السحر بالحق أن لاحظ له في الآخرة. قوله ﷿: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ الآية (١٠٢) سورة البقرة. ويصح أن يكون معطوفًا على المعلوم، وهو قوله: ﴿لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ ويصح أن يكون استئنافا حكمًاَ به، وجواب قوله: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ محذوف. إن قيل: كيف أثبت لهم العلم في أول الكلام ونفى عنهم في أخره؟ فالجواب في ذلك من أوجه .. الأول: أن العلم المثبت لهم هو العقل الغريزي، وما جعله لهم بصيغته، والمنفي عنهم هو المكتسب الذي هو من جملة التكليف، والثاني: أن المثبت لهم هو العلم بالجملة، والمنفي عنهم هو العلم بالتفصيل، فقد يعلم الإنسان مثلًا قبح الشيء ثم لا يعلم أن فعله قبيح، فكأنهم علموا أن شرى النفس بالسحر مذموم، لكن لم يتفكروا في أن ما يفعلونه هو من حملة ذلك القبيح، والثالث: أنهم علموا عقاب الله، لكن لم يعلموا حقيقة عقابه وشدته، والرابع: أن معنى قول ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ يعملون به، لأن من لا يعمل بما يعلم فهو في حكم من لا يعلم.

1 / 280