229

Tafsir

تفسير الراغب الأصفهاني

Investigator

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

Publisher

كلية الدعوة وأصول الدين

Publisher Location

جامعة أم القرى

يخرج، وتقدير ذلك كادوا يفعلون لتعذر ذلك عليهم وكثرة مراجعتهم، وقيل: (كادوا لا يفعلون) خشية الفضيحة. وأما أنهم بكم اشتروا البقرة، وممن اشتروها فليس مما يفتقر إليه تفسير الآية وقال بعض الناس: في هذه الآية دلالة على فسخ الشيء قبل فعله، فإن في الأول أمروا بذبح بقرة غير معينة، وكان لهم أن يذبحوا أي بقرة شاؤوا، وفي الثاني والثالث أمروا بذبح بقرة مخصوصة، فكأنهم نهوا عما كانوا أمروا به من قبل وليس الأمر كذلك، فإن الأول أمر مطلق، والثاني والثالث كالبيان له لما راجعوه ولم يسقط عنهم ذبح البقرة، بل ريد في أوصافها، وكشف عن المراد بالأمر الأول، وفي الآية دلالة على جواز تأخير بيان المجمل إلى وقت الحاجة .. قوله- ﷿: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.الآية (٧٢، ٧٣) سورة البقرة. ادارأتم أي تدافعتم، وأصل الدرء الاعوجاج، فالتدارؤ أن يعوج كل على الآخر بمخالفته له، وقال الخليل: كوكب دري، فقيل من الدرء أي تدافع الضوء، ودرأت عنه الحد منه، ووزن " ادارأتم " من الفعل تفاعلتم، أصله تدارأتم، فأريد الإدغام تخفيفًا، فأبدل من التاء دالا فسكن للإدغام، واجتلب لها ألف الوصل، فحصل على اتفاعلتم، وقال بعض الأدباء: ادارأتم افتعلتم، وكلما فيه من أوجه ... أولًا: أن ادارأتم. على ثمانية أحرفا وافتعلتم على سبعة أحرف، وثانيًا: أن الذي يلي ألف الوصل تا، فجعلها دالًا، وثالثًا: أن ألذي يلي الثاني دال، فجعلها تاء، ورابعًا: أن الفعل الصحيح العين لا يكون ما بعد تاء الافتعال منه إلا متحركًا، وقد جعله ههنا ساكنًا وخامسأ: أن ههنا قل دخل بين التاء والدال زائد، وفي افتعلتم لا يدخل دلك، وسادسًا: أنه أنزل الألف منزل العين وليست بعين، وسابعا: أن تاء افتعل قبله حرفان وبعده حرفان، وادارأ بعد التاء ثلاثة أحرفا وثامنًا أن عين أفتعل في المستقبل مكسور، وبين " ادرأتم " في المستقبل مفتوح، وفي قوله: ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾

1 / 229