بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الكتاب: تفسير ابن فورك من أول سورة المؤمنون - آخر سورة السجدة
المؤلف: الإمام العلَّامة / أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك
(المتوفى ٤٠٦)
دراسة وتحقيق: علال عبد القادر بندويش (ماجستير)
عدد الأجزاء: ١
الناشر: جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى: ١٤٣٠ - ٢٠٠٩ م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
* * * * * * * * * * * * *
تفسير ابن فورك من أول سورة الأحزاب - آخر سورة غافر
المؤلف: الإمام العلَّامة / أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك
(المتوفى ٤٠٦)
دراسة وتحقيق: عاطف بن كامل بن صالح بخاري (ماجستير)
عدد الأجزاء: ١
الناشر: جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى: ١٤٣٠ - ٢٠٠٩ م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جَزَى اللَّهُ كَاتِبَهُ وَمَنْ تَحَمَّلَ نَفَقَةَ الْكِتَابَةِ خَيرَ الجَزَاءِ وَأَوفَاهُ.
* * * * * * * * * * * * *
الكتاب: تفسير ابن فورك - من أول سورة نوح - إلى آخر سورة الناس
المؤلف: الإمام العلَّامة / أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك
(المتوفى ٤٠٦)
دراسة وتحقيق: سهيمة بنت محمد سعيد محمد أحمد بخاري (ماجستير)
عدد الأجزاء: ١
الناشر: جامعة أم القرى - المملكة العربية السعودية
الطبعة الأولى: ١٤٣٠ - ٢٠٠٩ م
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
* * * * * * * * * * * * *
تنبيه:
بقي مجلدان يجري تحقيقهما الآن
أولهما من أول سورة فصلت إلى آخر سورة ق
والثاني من أول سورة الذاريات إلى آخر سورة المعارج
* * * * * * * * * * * * *
تنبيه أخير:
بقيت هذه المواضع لم أهتد إلى الصواب فيها
* * *
وبم انتصب ﴿أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾؟، وما حكم في ﴿﴾؟
﴿جـ ١ ص: ١١٣﴾
وقوله: ﴿﴾ جواب ماذا؟، وما معنى: العبد؟، وكيف جازت العبودية
﴿جـ ١ ص: ٤٤٢﴾
ولم كان ﴿﴾ يدل على حجة الإجماع؟، ولم يدل قوله: ﴿﴾؟،
﴿جـ ١ ص: ٤٦٩﴾
وهذه عبارة غير مفهومة:
لا يعتاده بما بعده من ذلك الفوز الكبير واقتضاء ما قبله من صفة المؤمنين الذين صبروا على المحنة للوعد به.
﴿جـ ٣ ص: ١٩١﴾
* * * * * * * * * * *
1 / 61
سورة المؤمنون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مسألة: وإن سأل عن قوله - سبحانه - ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاة ِ فَاعِلُونَ (٤)﴾
[الآيات من ١ إلى ٤] فقال: ما معنى قد؟ وما الفلاح؟
، وما الخشوع في الصلاة؟، وما اللغو؟، وما الزكاة؟، وهل تقوم.
هذه الأوصاف مقام الأمر بهذه الخصال؟
الجواب:
معنى قد: تقريب الماضي من الحال؛ فدل على أن فلاحهم قد
حصل، وهم عليه في الحال..
وهذا أبلغ في الصفة من تجريد ذكر الفعل.
الخشوع في الصلاة: الخضوع بجمع الهمة لها، والإعراض
عما سواها؛ لتدبر ما يجري فيها من التكبير، والتسبيح، وتلاوة القرآن.
ومن موقف الخاضع لربه الطالب لمرضاته بطاعته
واللغو: الفعل الذي لا فائدة فيه يعتد بها، وقيل اللغو:
1 / 62
الباطل عن ابن عباس.
الزكاة: أداء الصدقة التي تجب في المال بالحول، وهي مما ينمو.
به المال بحكم الله؛ أنها زكاة أي يزكو بها المال عاجلًا، وآجلًا
وقيل: (خاشعون) يقبلون على صلاتهم بالخضوع والتذلل.
لربهم.
وقيل: خائفون
1 / 63
مسألة: وإن سأل عن قوله - سبحانه - ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (٩) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠)﴾
[الآيات من ٥ إلى ١٠] فقال: لم أعيد ذكر الصلاة هاهنا؟، ولم قيل للجارية ملك يمين؟ ولم يقل في الدار ملك يمين؟،
وما الفرق بين اللوم والذم؟، وما معنى: ابتغاء وراء ذلك؟،
وما معنى: هم الوارثون؟ ولم قيل إلا على أزواجهم؟ ومن قرأ
لأمانتهم؟ .
الجواب:
قيل: عنى بالفروج هاهنا فروج الرجال خاصة، بدلالة ما بعده.
عليه وأعيد ذكر الصلاة هاهنا: بمعنى الأمر بالمحافظة عليها كالأمر.
بالخشوع فيها كما أعيد ذكر الفلاح؛ لأنه يجب بالخصال المذكورة بعده؛ كما يجب في سورة البقرة بالخصال المذكورة قبله
1 / 64
وقيل: للجارية ملك يمين دون الدار؛ لأن ملك الجارية أخص من
ملك الدار؛ إذ له نقض بنية الدار، وليس له نقض بنية الجارية،
وله عارية الدار حتى يتصرف في منافعها، وليس له مثل ذلك في الجارية؛ حتى توطأ بالعارية.
ولذلك خص الملك في الإضافة
والفرق بين اللوم والذم: أن الذم قد كثر استعماله على معنى
صفة النقص؛ كقولهم الكفر مذموم، وأخلاق هذه الدابة مذمومة، ولا يقال: ملومة؛ كما أنه يمدح بحسن الصوت، وبالسماحة، وبالقوة.
ومعنى: ابتغاء وراء ذلك طلب سوى الزوجة، وملك اليمين
1 / 65
وأصل الباب فيه الطلب ومنه البغية الطلِبَة..
والعادون: الذين يتعدون الحلال إلى الحرام
وقيل: يحافظون على الصلاة: أي يراعونها للتأدية في أوقاتها.
عن مسروق.
وهم الوارثون: فيه قولان: الأول:
أنه روى أبو هريرة عن النبي أنه قال:
ما منكم أحد إلا وله منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار؛
فإن مات على الضلال
ورث منزله أهل الجنة، وإن مات على الإيمان ورث منزله أهل
النار.
وروي أنه يهدم منزله في النار عن مجاهد
1 / 66
والثاني: أنه يؤول أمره إلى النعيم في الجنة وملك ما يعطيه الله.
كما يؤول أمر الوارث.
وقيل المراعاة قيام الراعي بإصلاح ما يتولاه، وهو أصل الباب
- قرأ ابن كثير وحده: (لأمَانَتِهِمُ) ..
وقرأ الباقون: (لأَمَانَاتِهِمُ) جمع
وقرأ حمزة والكسائي: (عَلَى صَلَاتِهِمُ) واحدة.
1 / 67
وقرأ الباقون: (عَلَى صَلَوَاتِهِمُ) جمع
1 / 68
مسألة: وإن سأل عن قوله - سبحانه - ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَة ٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة َ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة َ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة َ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥)﴾
[الآيات من ١١ إلى ١٥]
فقال: ما الإرث؟، وما الفردوس؟، وما السلالة؟، وما النطفة؟، وهل
تسمى النطفة سلالة؟، وما العلقة؟، وما المضغة؟،
وما معنى: (أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ)؟ وما معنى: (تبارك)؟
وكيف جمع الخالقين والخالق واحد؟
الجواب: الإرث: ملك ما يتركه الميت لمن بعده ممن هو أولى به في حكم الله.
فهذا أصله ثم يشبه فيقال: ورث فلان علم فلان، أي صار إليه..
فكذلك يرثون الفردوس، أي يصيرون إليه بعد الأحوال المتقدمة.
الفردوس: البستان الذي يجمع محاسن النبات.
وقيل: أصله رومي عرب
1 / 69
وقيل: بل هو عربي ووزنه فِعْلَوْلٌ.
والسلالة: صفوة الشيء التي تخرج منه؛ كأنها تستل منه.
والنطفة: القطرة من ماء المني
والله يخلق منها الحيوان بحسب ما أجرى العادة في التناسل.
فجعل من نطفة الإنسان إنسانًا.
ومن نطفة الفرس فرسا.
وكذلك البعير، وغيره من الحيوان..
وقيل استل آدم من أديم الأرض.
وقيل استل من طين. عن قتادة.
وقيل: المعني بالإنسان كل إنسان؛ لأنه يرجع إلى آدم الذي خلق
1 / 70
من سلالة من طين، عن ابن عباس ومجاهد.
النطفة سلالة، والولد سلالة وسليلة
مكين: أي مكن لذلك بأن هيئ لاستقراره فيه إلى أمده الذي جعل.
له.
والعلقة: القطعة من الدم.
والمضغة: القطعة من اللحم
وقيل: [ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ] بنفخ الروح فيه عن ابن عباس، ومجاهد
1 / 71
وقيل: نبات الأسنان، والشعر، وإعطاء العقل، والفهم.
ومعنى تبارك: استحق التعظيم؛ بأنه لم يزل، ولا يزال
وأصل الصفة: البروك، وهو الثبوت..
وقيل (خلقا آخر) أي ذكرًا أو أنثى
قرأ عاصم: في رواية أبي بكر وابن عامر (عَظْمًا فَكَسَوْنَا العَظْمَ لَحَمًًا) ..
1 / 72
وقرأ الباقون (عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا)
1 / 73
مسألة:
وإن سأل عن قوله - سبحانه - ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة ِ تُبْعَثُونَ (١٦) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠)﴾ ..
[الآيات من ١٦ إلى ٢٠]
فقال ما البعث؟، وما الغفلة؟، وما معنى: ذكر الغفلة بعد
الطرائق؟ ولم خص الشجرة التي تخرج من طور سيناء بالذكر؟،
وما معنى: سيناء؟ وكيف قيل طرائق؟، وما معنى: [طُورِ سَيْنَاءَ]؟ .
الجواب:
البعث: الإطلاق لأمرٍ فالعباد كانوا كأنهم حبسوا عن التصرف بالإفناء فأطلقوا بالإعادة للجزاء.
ومن هذا بعث الأنبياء لإبلاغ الرسالة..
الغفلة: إذهاب المعنى عن النفس
1 / 74
ونظيره السهو
ومعنى ذكر الغفلة بعد الطرائق: أن من جاز عليه الغفلة عن
العباد؛ جاز عليه عن الطرائق التي فوقهم فتسقط.
والله - جل وعز - مسك طرائق السماوات أن تقع على الأرض.
إلا بإذنه، ولولا إمساكه لها لم تقف طرفة عين
وخصت الشجرة التي تخرج من طور سيناء بالذكر لما فيها من العبرة
؛ بأنه لا يتعاهدها إنسان بالسقي ولا يراعيها أحد من العباد.
وهي: تُخْرِجُ الثمرة التي يكون منها الدهن الذي تعظم به.
الفائدة وتكثر المنفعة.
وقيل: الطرائق السموات الطباق عن ابن زيد
وقيل: بل حافظين من أن تسقط عليهم.
فتهلكهم وقيل: إنما خص بالذكر النخيل والأعناب؛ لأنها من ثمار الحجاز من
1 / 75
مكة، والمدينة، والطائف فذكروا بالنعمة بما يعرفون.
ومعنى [طُورِ سَيْنَاءَ]
: البركة؛ كأنه قيل: جبل البركة عن ابن عباس
وقيل: اسم الجبل الذي نودي منه موسى وهو كثير
الشجر عن ابن عباس
ويحتمل أن يكون فِيعَالًا من السناء وهو الارتفاع.
1 / 76
وقيل هي شجرة الزيتون
و(تَنْبُتُ بالدُّهُن) أي: تنبت ثمرها بالدهن..
ومن فتح التاء فهو تَنْبُتُ بثمر الدهن.
وقيل نَبَتَ وأنبتَ بمعنى واحد
: كما قال زهير:
1 / 77
رَأَيْتُ ذَوِي الحَاجَاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِم ... قَطِينًا بِهَا حَتَّى إذَا أَنْبَتَ البَقْل.
وقيل بل الباء زائدة والمعنى تنبت ثمر الدهن
: كما قال الراجز
نَحْنُ بَنُو جَعْدَة أَرْبَاب الفَلَج ... نَضْرِبُ بِالبِيضِ وَنَرْجُوا
أي نرجوا الفرج..
وقيل: طرائق؛ لأن كل طبقة طريقة
1 / 78
وقيل: لأنها طرائق الملائكة.
الاصطباغ بالزيت الغمس فيه للائتدام به
وقال الحسن: ما بين كل سماء مسيرة خمس مائة عام؛ وكذلك
ما بين السماء والأرض.
فقال: أي ننزل عليهم ما يحييهم من المطر
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (سِينَاء) بكسر السين
1 / 79
ولم يصرف؛ لأنه اسم البقعة.
وقرأ الباقون بفتح السين.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (تُنبِتُ) بضم التاء.
وقرأ الباقون (تَنبُتُ) بفتح التاء
1 / 80