من قبول الدعاء؛ لأن النبي ﷺ قال: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين" فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون: ٥١]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، وملبسم حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" (^١) فقوله: "أنى" هذه استفهام استبعاد؛ أي: بعيد أن يستجاب لهذا الرجل.
خامسًا: أن لا يعتدي في الدعاء، قال الله تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)﴾ [الأعراف: ٥٥]، فإن اعتدى في الدعاء بأن سأل ما لا يحل له، أو سأل ما يمتنع شرعًا أو قدرًا؛ فإنه لا يجاب.
فلو سأل إثمًا، بأن قال والعياذ بالله: اللهم يسر له امرأة يزني بها، أو كأس خمرٍ يشربه؛ فهذا لا يستجاب له؛ لأنه عدوان واستهزاء بالله ﷿، فهذا لا يحل شرعًا ولا يمكن قبوله لأنه محرمٌ وممتنع شرعًا.
والممتنع قدرًا مثل أن يقول: اللهم اجعلني نبيًا؛ لأن هذا ممتنعٌ قدرًا بخبر الله، لا لأنه مستحيل لذاته، فهو غير مستحيل، لكن بخبر الله صار مستحيلًا لقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠].
كل هذه آداب ينبغي على الإنسان أن يراعيها في الدعاء.
(^١) رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، حديث رقم (١٠١٥).