176

Tafseer Al-Uthaymeen: An-Nisa

تفسير العثيمين: النساء

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقوله: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ يشمل الأختين الشقيقتين، والأختين لأب والأختين لأم؛ لأن الآية مطلقة.
قوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ نقول فيها كما قلنا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: ٢٢] أي: لكن ما قد سلف معفو عنه، وإنما ذكره الله ﷿ لعظم المقام، ولئلا ينشغل الإنسان بفعله السالف الذي وقع على الوجه المنهي عنه، ومن الحكم بيان حكم الولد الحاصل من النكاح فيما سلف بمعنى: أنه لو نكح الإنسان زوجة أبيه في الجاهلية، وأتت منه بولد، ثم أسلم وفرق بينهما؛ لأن سبب التحريم باقٍ، لكن الولد الذي حصل من النكاح الأول ينسب إليه شرعًا، فهذا - والله أعلم - هو الحكمة من قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ لأجل أن يزول ما في قلب الإنسان نهائيًا؛ لأنه قد يقول: إذا كان ذلك حرامًا عليّ، فما موقفي أمام الولد الذي خلق مني في ذلك الوقت، فطمأن الله العباد بقوله: ﴿إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾، فهذا هو الحكمة في استثناء واستدراك ما سبق، وإلا فقد يقول قائل: ما سبق كيف يرجع التحريم إليه بما يسمى أثرًا رجعيًا؟ فنقول: الحكمة من ذلك هو عظم المقام، والثاني: أنه لو ولد ولد في ذلك النكاح، فالولد ولد شرعي؛ لأنه معفو عنه - أي: عما سلف - وعن آثاره.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ سبق الكلام على هذه الآية كثيرًا، وفيها تأكيد اسمين من أسماء الله بمؤكدين: ﴿إِنَّ﴾ و﴿كَانَ﴾؛ لأن و﴿كَانَ﴾ كما أسلفنا مسلوبة الزمان، فتفيد تحقيق الوصف.

1 / 180