133

Tafseer Al-Uthaymeen: An-Nisa

تفسير العثيمين: النساء

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ﴾، ﴿التَّوْبَةُ﴾: مبتدأ مسبوق بأداة الحصر وهي ﴿إِنَّمَا﴾، وخبر المبتدأ قوله: ﴿عَلَى اللَّهِ﴾، أو قوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾ فيحتمل هذا وهذا. وقوله: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ﴾ ﴿السُّوءَ﴾ يعني: العمل السيئ؛ كالمنكرات، وفعل المحظورات، أو ترك الواجبات، ولكنه قيدها بقوله: ﴿بِجَهَالَةٍ﴾ والمراد بالجهالة هنا: السفاهة، وليس الجهل؛ لأن فاعل السوء بجهل معذور، ولا ذنب عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ولكن المراد بالجهالة هنا السفاهة، ومنه قول الشاعر: ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾ أي: ثم إذا فعلوا السوء بجهالة تابوا إلى الله من قريب، والقريب هنا ما كان قبل الموت، فإذا تابوا قبل الموت تاب الله عليهم، وسيأتي في الفوائد أنه تجب التوبة فورًا. وقوله: ﴿يَتُوبُونَ﴾ بمعنى: يرجعون إلى الله، وذلك بترك ما قاموا به من السوء، أو فعل ما تركوه من الواجب. وقوله تعالى: ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾، هذه الجملة باعتبار ما قبلها تأكيد؛ لأن هذا الحكم مفهوم من قوله: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ﴾، ولكنه أكد ما التزم به ﷿ على نفسه بقوله: ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾. وأشار إليهم بـ "أولئك" مع أنهم باعتبار الحديث عنهم في محل القرب، والقريب يشار إليه بـ "هؤلاء"، لكنه هنا قال: أولئك، فأشار إليهم بإشارة البعيد؛ إشارة إلى علو منزلتهم بالتوبة.

1 / 137