١٤- مقدمة تفضيل النطق على الصمت
يبدو ان الجاحظ تلقى كتابا أو قرأ رسالة في مدح الصمت وايثاره على النطق. وقد وصف صاحب الرسالة مزايا الصمت، وذم الكلام وبين مساوئه وما يجره على صاحبه من البلوى والفحش والخطأ والتورط والندم. وقد استشهد باقوال كسرى انو شروان ملك الفرس، والاشعار، ورجال الأدب، والذين ذموا الكلام ومدحوا السكوت.
ولم تعجب الرسالة ابا عثمان بل وجدها تنطوي على الخطأ والاعجاب بالنفس والتسرع في الاحكام، مما حمله على الرد عليها في كتاب تفضيل النطق على المصت.
لقد وجد الكلام افضل من الصمت لاسباب عديدة. منها ان الكلام ضروري للابانة عن النفس والتعبير عن الحاجات الكثيرة التي تكثر لدى الانسان. ومنها ان الكلام هو المزية التي ينماز بها الانسان عن الحيوان والجماد.
واذا كان الصمت يحمد في حالة واحدة وهي توقي الأثم وتوخي النجاة، فانه يلزم صاحبه صفة الجهل والغباء.
1 / 55