مُقَدمَات الْكتاب
مُقَدّمَة الْمُؤلف
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله الَّذِي ميز الْخَبيث من الطّيب، وأحرز الحَدِيث بالعلماء النقاد من الْخَطَأ وَالْكذب، وَالصَّلَاة على سيد الورى وَخير الْبَريَّة، وَجَمِيع صحابته دعاة الله إِلَى سبله المرضية، وأزواجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَذريته الطيبين. ونسأله التَّوْفِيق والتأييد. فبيده أزمة التَّحْقِيق والتسديد.
وَبعد فَقَالَ أَضْعَف عباد الْقوي الْوَلِيّ مُحَمَّد بن طَاهِر بن عَليّ الفتني الْهِنْدِيّ مسكنا ونسبا والحنفي مذهبا: هَذَا مُخْتَصر يجمع أَقْوَال الْعلمَاء النقاد والمحدثين السراد فِي وضع الحَدِيث أَو ضعفه حَتَّى يتَبَيَّن أَن وَضعه أَو ضعفه مُتَّفق أَو أَنه بِسَبَب قُصُور قَاصِر أَو سَهْو ساه مُخْتَلف كَيْلا يتجاسر الكسل على الْجَزْم بِوَضْعِهِ بِمُجَرَّد نظرة فِي كَلَام قَائِل أَنه مَوْضُوع وَلَا يتسارع إِلَى الحكم بِصِحَّة كل مَا نسب إِلَى الحَدِيث غافل مخدوع فَإِن النَّاس فِيهِ بَين إفراط وتفريط فَمن مفرط يجْزم بِالْوَضْعِ بِمُجَرَّد السماع من أحد لَعَلَّه ساه أَو ذُو تخطيط وَمن مفرط يستبعد كَونه مَوْضُوعا وَظن الحكم بِهِ سوء أدب ومخترعا وَلم يدر أَن لَيْسَ حكمه على الحَدِيث بل على مخترع الْكَذِب الخاذل أَو مَا زل فِيهِ قدم الغافل. وَمِمَّا بَعَثَنِي إِلَيْهِ أَنه اشْتهر فِي الْبلدَانِ مَوْضُوعَات الصغاني وَغَيره وظني أَن أمامهم كتاب ابْن الْجَوْزِيّ وَنَحْوه ولعمري أَنه قد أفرط فِي الحكم بِالْوَضْعِ حَتَّى تعقبه الْعلمَاء من أفاضل الكاملين فَهُوَ ضَرَر عَظِيم على القاصرين المتكاسلين. قَالَ مُجَدد الْمِائَة السُّيُوطِيّ (١) قد أَكثر ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من إِخْرَاج الضَّعِيف بل وَمن الحسان وَمن الصِّحَاح كَمَا نبه عَلَيْهِ الْحفاظ وَمِنْهُم ابْن الصّلاح وَقد ميز فِي حيزه ثَلَاثمِائَة حَدِيث وَقَالَ لَا سَبِيل إِلَى إدراجها فِي الموضوعات فَمِنْهَا حَدِيث فِي صَحِيح مُسلم وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ رِوَايَة حَمَّاد بن شَاكر وَأَحَادِيث فِي بَقِيَّة الصِّحَاح وَالسّنَن وَنقل فِيهِ عَن أَحْمد بن أبي الْمجد أَنه قَالَ وَمِمَّا
_________
(١) قلت لَعَلَّه الْمِائَة التَّاسِعَة وَالله أعلم. اهـ مصححه.
1 / 3