الجواب في أهل صفين فانما قوتلوا ليرجعوا الى الحق لا لتحل أموالهم قالوا صدقت وأما قولكم محى نفسه من إمرة المسلمين فقد فعل هذا رسول الله (ص) في غزاة الحديبية فهل خرج بذلك من النبوة قالوا صدقت فرجع منهم الفان وخرج الباقون فقتلوا بالنهر ولما خرج علي (ع) لقتالهم وقف بازائهم وقال من زعيمكم قالوا ابن الكواء فقال علي فما الذي أخرجكم علينا قالوا حكومتكم يوم صفين فقال لهم ناشدتكم بالله أما قلت لكم يوم رفعوا المصاحف لا تخالفوني فيهم قلتم نجيبهم الى كتاب الله فقلت انما رفعوها مكيدة وخديعة فقلتم ان لم تجب الى كتاب الله قتلناك أو سلمناك اليهم فلما ابيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين ان يحكما بكتاب الله فان حكما بغير حكم الله والقرآن فنحن براء منهم فقالوا فكيف حكمت الرجال فقال والله ما حكمت مخلوقا وانما حكمت القرآن لأن القرآن انما هو خط بين الدفتين لا ينطق وانما ينطق به الرجال فقالوا صدقت وكفرنا لما فعلنا ذلك وقد تبنا منه الى الله فتب كما تبنا نبايعك وإلا قاتلناك.
وقال السدي: لما وقف علي (ع) عليهم قال لهم أيتها العصابة التي اخرجها المراء واللجاج عن الحق وطمح بها الهوى الى الباطل اني نذير لكم ان تصبحوا تلعنكم الأمة وأنتم صرعى بافناء هذا النهر بغير بينة من ربكم ولا برهان ألم انهكم عن الحكومة واخبرتكم انها مكيدة من قوم لا دين لهم ومتى فارقتموني سعيتم الحزم والآن فارجعوا فان حكم الحكمان بكتاب الله وإلا فنحن على الرأي الأول فقالوا تب من الكفر كما تبنا فقال ويحكم ابعد ايماني برسول الله وجهادي معه في سبيل الله وهجرتي اشهد على نفسي بالكفر لقد ضللت اذن وما انا من المهتدين.
وقال هشام بن محمد: لما أراد علي (ع) ان يبعث أبا موسى للحكومة أتاه من الخوارج زرعة بن برح الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فقالا لا حكم إلا لله فقال علي (ع) لا حكم إلا لله فقال حرقوص تب من خطيئتك وارجع عن حكومتك وقم بنا الى القوم نقاتلهم حتى نلقى ربنا فقال علي (ع) قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبين القوم شروطا واعطيناهم عهودا فقال حرقوص ذلك ذنب وينبغي أن تتوب منه فقال ما هو ذنب وانما هو عجز من الرأي وأنتم سببه فقال له زرعة بن برح أما والله لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك اطلب بذلك وجه الله ورضوانه فقال له علي (ع) بؤسا لك ما اشقاك كأني بك قتيلا تسفي عليك الرياح فكان كما قال.
Page 96