درعي ورمحي فانتدب له اثنا عشر ألفا وحمل القوم فانتقضت صفوف معاوية وكان علي (ع) وقد اخرج في ذلك اليوم لواء رسول الله (ص) ولم يخرجه قبل ذلك فدفعه الى قيس بن سعد بن عبادة فلما رآه المسلمون صرخوا وبكوا واجتمع تحته أهل بدر والانصار والمهاجرون وقيس بن سعد يقول:
هذا اللواء الذي كنا نحف به
دون النبي وجبريل لنا مدد
ما ضر من كانت الانصار عيبته (1)
أن لا يكون له من غيرهم عضد
ثم اتصل القتال في الليل، وكانت ليلة الجمعة فاقتتلوا طول الليل وهي ليلة الهرير مثل ليلة القادسية وهي الثامنة والعشرون من صفر تطاعنوا بالرماح حتى تقصفت وكلت السيوف ونفذ النبل وخفيت الأصوات وغابت الأخبار عن علي ومعاوية والأمراء ولم يسمع إلا الهرير يهر بعضهم على بعض وأصبح الناس والقتال بحاله وابن عباس في الميمنة والاشتر في الميسرة وعلي (ع) في القلب فبعث الى الاشتر تقدم وامده بالرجال فحمل حملة انتقضت صفوف معاوية وايقن بالتلف والتفت الى عمرو وقال:
هل من حيلة فهذا وقت نحبائك (2)وهناتك فقال ارفع المصاحف على الرماح وناد بيننا وبينكم كتاب الله فما يزيدهم ذلك إلا فرقة ولا يزيدنا إلا اجتماعا فرفعوها على الرماح وصاحوا بيننا وبينكم كتاب الله ندعوكم اليه ليحكم بيننا فلما رأى أهل العراق ذلك قالوا نجيب الى كتاب الله وكان اشد الناس على علي (ع) الأشعث بن قيس فصاح علي (ع) أيها الناس أمضوا على حالكم خدعكم والله ابن النابغة الداهية فناداه مسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصن الطائي وجماعة من الذين خرجوا عليه وقاتلوه بالنهر كيف تقاتلهم وقد طلبوا الحكومة الى كتاب الله وان ابيت دفعناك اليهم أو نفعل بك كما فعلنا بعثمان فابعث الى الاشتر فليأتك فغضب علي (ع) وقال يا عجبا أيطاع معاوية واعصى انا لله در ابن عباس انه لينظر الى الغيب من وراء ستر رقيق، وكان ابن عباس قد قاله في أول الأمر ابعثني الى معاوية والله لأفتلن له حبلا لا ينقطع وسطه ولا ينتقض طرفاه فقال له علي (ع) والله لأعطين معاوية السيف حتى يغلب الحق على الباطل قال ابن عباس أو غير هذا؟ فقال كيف فقال ان معاوية يطاع
Page 92