وهو الذي ابتكرها ثم قتل عنها وقد ولدت له فاطمة وكانت من الجمال والأدب والظرف والسخاء بمنزلة عظيمة وكانت تأوي الى منزلها الأدباء والشعراء والفضلاء فتجيزهم على مقدارهم وكان مصعب بن الزبير اصدقها ستمائة الف ولما قتل عبد الملك بن مروان مصعب بن الزبير خطبها فقالت ابعد ما قتل ابن الزبير لا والله لا كان هذا أبدا.
وقال هشام بن محمد: اجتمع على بابها جماعة من الشعراء لتخاير بينهم، وكانوا يرضون بحكمها لما يعرفون من أدبها وبصارتها بالشعر فأحسنت ضيافتهم واكرمتهم، وكان فيهم الفرزدق، وجرير؛ وكثير عزة، ونصيب، وجميل فنصبت بينها وبينهم ستارا واذنت لهم فدخلوا عليها؛ وكانت لها جارية قد روت الأشعار والاخبار وعلمتها الأدب فخرجت من عندها الجارية فقالت أيكم الفرزدق؟ فقال ها أنا، فقالت ألست القائل:
هما دلتاني من ثمانين قامة
كما انقض باز أقتم الريش كاسره
قلما استوت رجلاي في الارض قالتا
احي فيرجى أم قتيل نحاذره
فقال نعم؛ فقالت فما الذي دعاك الى افشاء سرك وسرها هلا سترت عليها وعلى نفسك خذ هذه الف دينار والحق بأهلك.
ثم قالت: أيكم جرير؟ فقال ها أنا، فقالت ألست القائل:
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا
وقت الزيارة فاذهبي بسلام
قال نعم، قالت وأي ساعة احلى من ساعة الزيارة، خذ هذه الف دينار والحق بأهلك.
ثم قالت: أيكم كثير عزة؟ فقال ها أنا ذا، فقالت أنت القائل:
يقر بعيني ما يقر بعينها
واحسن شيء ما به العين قرت
فقال نعم، قالت أفسدت الحب بهذا التعريض خذ هذه الف دينار وانصرف.
ثم قالت: أيكم نصيب؟ فقال ها أنا ذا؛ فقالت أنت القائل:
من عاشقين تواعدا وتراسلا
حتى اذا نجم الثريا حلقا
Page 250