Tadhkira Fi Wacz

Ibn al-Gawzi d. 597 AH
90

Tadhkira Fi Wacz

التذكرة في الوعظ

Investigator

أحمد عبد الوهاب فتيح

Publisher

دار المعرفة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦

Publisher Location

بيروت

أما بلوى الْعباد فَإِذا حَضرتهمْ الْوَفَاة إنقسموا إِلَى محب وكاره للفناء وراض وساخط للْقَضَاء فَمن مَاتَ على حَال من هَذِه الْأَحْوَال ختم عمله بهَا وَألْحق بِأَهْلِهَا فَقَوله ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا مَعْنَاهُ يختبركم فَينْظر أَيّكُم لَهُ أطوع وَإِلَى رِضَاهُ أطلب وأسرع وَفِي الحَدِيث عَنهُ ﷺ أَنه يَقُول إِن الله أذلّ ابْن آدم بِالْمَوْتِ وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة ليَبْلُوكُمْ قَالَ أذلّ الله ابْن آدم بِالْمَوْتِ وَجعل الدُّنْيَا دَار حَيَاة وَدَار فنَاء وَجعل الْآخِرَة دَار جَزَاء وَدَار وَبَقَاء فقد اتَّضَح بِهَذَا الحَدِيث والأثر أَن فِي الْمَوْت حِكْمَة لمن أَرَادَ التدبر وعبرة لمن اعْتبر فَمن الْحِكْمَة فِي الْمَوْت وضع عماد المتكبرين وتنغيص حَيَاة المترفين وَتَكْذيب ظنون الآملين وتنبيه عقول الغافلين وإزعاج قُلُوب المطمئنين وَرفع أَيدي المتسلطين وَتَخْفِيف أثقال الْعِبَادَة عَن العاملين وَفَوْز المحبين بلقاء من كَانُوا إِلَيْهِ مشتاقين وَلَو لم يكن فِي الْمَوْت إِلَّا أَنه قَضَاء رب الْعَالمين لَكَانَ الرِّضَا بِهِ فرضا لَازِما لجَمِيع الْمُؤمنِينَ الْمَوْت انْقِطَاع عَن دارالفناء واتصال بدار الْبَقَاء وَخُرُوج من دَار الْعَمَل وَدخُول فِي دَار الْجَزَاء الْمَوْت رَاحَة الْمُسِيء والمحسن أما الْمُسِيء فَيَنْقَطِع عَنهُ اسْتِمْرَار طغيانه وَأما المحسن فيفضي إِلَى دَار الْجَزَاء على إحسانه الْمَوْت فِيهِ لِقَاء الأحباب وإحراز الثَّوَاب فَلَيْسَ يكرههُ إِلَّا مريب مرتاب

1 / 107