كتاب الاعتكاف
قال عمر بن الخطاب ﵁: يا رسول الله إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد. قال: "أوفي بنذرك" (١).
والاعتكاف قربة مشروعة غير واجبة، وإنما هي مندوب إليها، وأصله في اللغة الملازمة للشيء، قال سبحانه: ﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢)﴾ (٢). وقال سبحانه: ﴿يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ ﴿٤٣/أ﴾ لَهُمْ﴾ (٣) يعني يلازمونها.
وضم إليه الشرع شروطًا، وهو اللبث في المسجد الذي تقام فيه الجماعات، وإن أمكن في الجامع الذي تقام فيه الجماعة والجمعة كان أحسن حتى لا يحتاج إلى الخروج من معتكفه رأسًا هذا في حق الرجل، فأما المرأة فلا يعتبر في اعتكافها سوى المسجد فقط، ولا يعتبر أن تقام فيه جماعة ولا جمعة إذ ليس عليها جماعة ولا جمعة.
ولا يتشاغل في معتكفه إلا بذكر الله، فأما العمل، أو الإقراء، أو تدريس الفقه فلا يجوز له أن يدرس بنفسه، ولا يخرج من معتكفه، إلا أنه إن خرج فخروجه على ثلاثة أضرب: خروج يبطل الاعتكاف، وخروج لا يبطل، ويجوز له بعد عوده (منه) (٤) البناء على ما مضى منه.
وخروج إن شرط جاز ولم يبطل، وإن لم يشترط أبطل، فالذي لا يبطل