الفاظ اللغة، عن وصف هذه الأنواع. ونعت هذه المشاعر فكيف تحيط بصفات الله، وتشرح كيفياتها؟
واذا كانت الحقيقة هي (استعمال اللفظ فيما وضع له) وكانت ألفاظ: استوى - وجاء - وخادع - ويمكر - ونسيهم. انما وضعت للمعاني الأرضية البشرية المادية، وكان استعمالها في القرآن في قوله ﴿استوى على العرش﴾ ﴿وجاء ربك﴾ ﴿وهو خادعهم﴾ ﴿ويمكر الله﴾ وقوله ﴿فنسيهم﴾ في غير هذا المعنى المادي الأرضي البشري الذي وضعت له - لم تكن اذن (حقيقة) بمقتضى تعريفهم هذا للحقيقة.
ومن ينكر انها مجاز، ومنهم ابن تيمية، يعرّف (الحقيقة) تعريفا آخر خاصًا به، غير التعريف الذي جرى عليه البلاغيون ويقول ما معناه: ان تأويل هذه الألفاظ، أي تفسيرها تفسيرا مجازيا، والجزم بأنه هو المراد مردود، لأن المعاني المجازية هي أيضًا معانٍ بشرية.
ولقد نظرت فوجدت أن هذه الآيات على ثلاثة أشكال:
١ - آيات وردت على سبيل الاخبار من الله، كقوله: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾. فنحن لا نقول: "انه ما استوى"، فنكون قد نفينا ما أثبته الله. ولا نقول انه استوى على العرش، كما يستوي القاعد على الكرسي، فنكون قد شبهنا الخالق بالمخلوق، ولكن نؤمن بأن هذا هو كلام الله، وان لله مرادا منه لم نفهم حقيقته وتفصيله، لأنه لم يبيّن لنا مفصلا، ولأن العقل البشري (كما قدمنا) يعجز عن الوصول إلى ذلك بنفسه.
٢ - آيات، وردت على الأسلوب المعروف عند علماء البلاغة بالمشاكلة، والمشاكلة هي كقول القائل:
قالوا اقترح شيئًا نجدْ لك طبخه ... قلت اطبخوا لي جبة وقميصًا
وقول أبي تمام في وقعة عمورية، يرد على المنجمين الذين زعموا ان النصر لا يجيء الا عند نضج التين والعنب:
1 / 73