روح العبادة:
والعبادة لها روح ولها جسد، فروحها العقيدة التي دفعت اليها، والغاية التي عملت من أجلها، وجسدها عمل الجوارح، من لفظ اللسان، وحركات الجسم. الصلاة مثلا حركات وألفاظ، قيام وقعود، وركوع وسجود، وتلاوة وذكر وتسبيح، ولكن هذا كله جسد الصلاة، فان لم يكن الدافع اليه توحيدًا صحيحًا، وعقيدة سليمة، ولم يكن المقصود به امتثال أمر الله، وطلب رضاه، كانت الصلاة جسدا ميتا لا روح فيه.
توحيد الألوهية
الأساس في توحيد الألوهية
الأساس أن نعتقد ان الله وحده هو النافع وهو الضار، ولا بد لهذا من شيء من البيان: الله خالق كل شيء، أوجد العوالم، وبث فيها من كل شيء. وأعطانا العقول وقال لنا: فكروا بعقولكم في هذه الأشياء التي خلقتها، وانظروا ماذا في السموات والأرض، فنظرنا فوجدنا ان الله الذي خلق هذه الأشياء، قد سلط بعضها على بعض، فالنار اذا مست الشجرة اليابسة أحرقتها، والماء اذا صب على النار أطفأها، والبعوضة (١) اذا لدعت الانسان أصابته بالبرداء (الملاريا)، والمادة التي في قشور شجرة (الكينا) اذا دخلت جسد المريض شفته من البرداء.
وانه جعل بين هذه الأشياء روابط، وجعل اجتماعها بمقادير قدرها، وامتزاجها بنسب عينها ينتج عنه أشياء جديدة. فـ (الكلور) وهو مادة مؤذية، و(الصوديوم) وهو مادة مؤذية، اذا اجتمعا كان منهما مادة نافعة لا بد للانسان منها، ولا يستغنى عنها وهي ملح الطعام.
١ - ووجدنا أن الروابط والعلاقات، تتبع كلها قواعد ثابتة، وأساليب معينة، لا تتبدل ولا تتغير هي سنن الله في الكون، التي اصطلحنا على تسميتها (قوانين الطبيعة).
_________
(١) أعني النوع المعروف منها.
1 / 66