العلماء، من أمثال (فرنك الن) الذي أثبت أن القول بقدم العالم - كما كان يقول فلاسفة اليونان - مستحيل، وان العلم كشف ان لكل شيء عمرا، أي أن له بداية، تنفي كونه قديما. و(فرنك الن) هذا، من أكبر علماء الحياة (البيولوجيا). وأمثال (روبرت موريس بدج) مكتشف الرادار، وعالم الكيمياء (جون كليفلاند كوثران)، و(جون هربرت بلوند) استاذ الفيزياء، وأنا أرجو أن تقرأوا هذين الكتابين وأمثالهما ... وأمثالهما كثير:
أنا لا أحب أن أعيد سرد الادلة القديمة على وجود الله، أدلة علماء الكلام، ولا الادلة الحديثة التي جاء بها هؤلاء العلماء، ولكن أشير إلى دليل واحد من الادلة القرآنية، وادلة القرآن: واضحة، صريحة، حاسمة. تأتي بالحجة الضخمة، في العبارة القصيرة، التي يفهمها العامي، وتمتلئ نفس العالم الذي يدرك مغزاها، اعجابا منها، وعجبا من قوتها ودقتها ووضوحها، وكلاهما (العامي والعالم) لا يملك الا أن يقول: صحيح!
نبهنا الله في القرآن بكلمة واحدة، على أن الدليل فينا، "في أنفسنا"، فكيف ننكر قضية قد سطر على جباهنا ما يشعر بصدقها، قال تعالى: ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟!﴾ فنحن نشعر - من أعماق قلوبنا - بأنه موجود، نلجأ اليه في الشدائد والملمات، بفطرتنا المؤمنة، بغريزة التدين فينا، ونرى الادلة عليه فينا، وفي العالم من حولنا، فالعقل الباطن يؤمن وجوده بالحدس، والعقل الواعي يؤمن بوجوده بالدليل.
فكيف لعمري يجحد الله الجاحد، وهو - نفسه - الدليل على وجوده؟! بأنه كمن يحمل مالك بيده، ويدعي انه لم يأخذه ولم يلمسه، ومن يلبس ثيابه مبتلة يقطر منها الماء، ويدعي أنه لم يقرب الماء. هذه حقيقة الحقائق، ولكن لماذا نجد أكثر الناس لا ينتبهون اليها؟!
الجواب: لأنهم لا يفكرون في أنفسهم، ﴿نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم﴾. انهم يفرون منها، يخافون الانفراد بها، لا يستطيع أحدهم أن يبقى وحيدا، خاليا بنفسه بلا عمل، لذلك يشتغل عنها بحديث فارغ، أو
1 / 54