ففي الوجود أشياء كثيرة لا تدخل في نطاق الحواس، لأنها ليست لونا يرى، ولا صوتا يسمع، ولا جمادا يلمس، ولا رائحة تشم، ولا طعما يذاق، فهل يحق لي ان أنكرها، لأن حواسي المحدودة لا تدركها؟
٣ - والحواس هل هي كاملة؟ كان الاقدمون يحصرونها في خمس حواس فقط، لا يتصورون امكان الزيادة عليها. ولكن كشفت في الانسان الان حواس اخرى أودعها الله فيه وما يقبل الزيادة يوصف بالنقصان.
أنا أغمض عيني، وأبسط يدي أو أقبضها، فأحس بأنها مبسوطة أو مقبوضة لم ألمسها ولم أرها، فبأي حاسة أحسست بها؟ بما يسمى (الحسّ العضلي). وأحس بالتعب والوني، وبالغثيان، وبالانبساط أو الانقباض، وما أحسست بذلك بواحدة من الحواس الخمس، بل (بالحس الداخلي). وأمشي فلا أميل، مع أن الطفل أول مشيه يميل، وراكب الدراجة، ولاعبو (السرك)، الذي يأتون بالعجائب، بأي حاسة ضبطو توازنهم؟
ان هناك حاسة ثامنة هي (حاسة التوازن)، وأذكر أنهم كشفوا موضعها، الذي وضعها الله فيه، في الاذن الداخلية مادة سائلة قليلة، بها يكون التوازن، وأذكر أنهم (في تجاربهم) استخرجوها من أرنب، فصارت تمشي الارنب مترنحة كأنها سكرى.
فالقاعدة الثالثة: هي أنه لا يحق لنا أن ننكر وجود أشياء لمجرد أننا لا ندركها بحواسنا.
قواعد العقائد
القاعدة الرابعة - الخيال
قلنا ان الحواس محدودة المدى، فأنا لا أستطيع أن أرى ببصري كل مرئي، وهذا صحيح ولكن الله أعطانا (ملكة) نتم بها نقص الحواس، هي الخيال. أنا ان لم أستطع أن أرى داري في دمشق، وأنا في مكة، أستطيع أن أتخيلها فكأنني أراها، فالخيال يكمل الحواس. فهل للخيال حدود، أم أنه مطلق غير محدود؟ هل أستطيع أن أتخيل شيئا لم أدركه بالحواس؟
1 / 41