ففي كتابي (الاصلاح الديني (١» في الصفحة (١١) منه، عند الكلام على ضرورة التدين، قلت ما نصّه:
"هل يمكن للإنسان أن يعيش بلا دين؟
لا فرق بين هذا السؤال وبين قولك: هل يمكن للإنسان أن يعيش بالمادة وحدها، وينبذ كل ما وراءها حتى نفسه التي بين جنبيْه، وحبّه الذين يجيش به صدره، وشعوره بالطبيعة وجمالها، والطيور وتغريدها، والمقبرة ووحشتها؟ "
وبعد أن تحدثت عن عالم المثل الأفلاطونية، واستشهدت بأقوال (كانْت) و(أوغست كونت) و(باستور) و(نيوتن) و(باسكال) و(مالبرانش) و(هارفي) و(غوليه) و(هوكسلي) ذلك لأني كنت حديث العهد بدراسة الفلسفة وكان مكتوبًا على غلاف الكتاب (بقلم علي الطنطاوي بكالوريوس في الآداب وفي الفلسفة).
قلت بعد ذلك، في الردّ على من يدعّي أن هذا الكون وجد بالمصادفة، ما نصّه: "اذا وضعنا في كيس أربع كرات بيضاء وواحدة حمراء، وسحبنا واحدة منها، كان احتمال خروج الحمراء واحدًا من خمسة، واذا وضعنا تسعًا بيضًا وواحدة حمراء، كان واحدًا من عشر، فلو وضعنا ما لا نهاية له (؟) من البيض كان الاحتمال واحدًا من لا نهاية، ولا يقول عاقل أن الحمراء تخرج حتمًا من السحب مرة أو مرتين أو مئة مرة.
وهذه الكواكب التي لا نهاية لها، ليس لها الا حالة واحدة، تجعلها تسير بهذا النظام، ويمتنع بينها الصدام، فكيف نقول ان هذه الحالة حصلت بالمصادفة من غير مسيّر حكيم عليم؟ ".
...
_________
(١) المطبوع في دمشق سنة ١٣٤٨ هوهو الجزء الأول من (رسائل في سبيل الإصلاح) التي كان لصدورها أصداء، وألفت في الكلام عنها كتب، منها كتاب (الافصاح عن رسائل الاصلاح) للشيخ أحمد الصابوني الحلبي.
1 / 7