156

Tacrif Camm

تعريف عام بدين الإسلام

Publisher

دار المنارة للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م

Publisher Location

جدة - المملكة العربية السعودية

Genres

ولو قيل لأكبر علماء الطبيعة قبل قرن أو قرنين من الزمان ان الناس سيركبون متن الريح بمراكب من الحديد والفولاذ، ويخترقون نطاق الهواء، ويسجلون حديث المحدث وخطبة الخطيب، فيسمعونها من شاؤوا متى شاؤوا (١). ولو مات المحدث والخطيب، لقال ان ذلك مستحيل، مع أنه وقع اليوم وصار معروفا. فكيف تحقق المستحيل؟ الجواب: ان المستحيل قسمان، مستحيل في العادة، كالأمور التي ذكرتها. ومستحيل في العقل كاجتماع النقيضين، الوجود والعدم مثلا. فلا يكون الرجل نفسه موجودًا في هذا الوقت في هذا المكان، وهو غير موجود فيه. وكتبدل هوية الشيء فلا يكون الكتاب ملعقة، في الوقت الذي يكون فيه كتابا. المستحيل في العقل لا يتصور وقوعه، أما المستحيل في العادة، فقد رأينا كيف أن العلم (علم العبد بقوانين الطبيعة (٢» صيره ممكنًا. فهل يعجز الخالق الذي أوجد هذه القوانين أن يصيره ممكنا؟! لا شك في قدرته على ذلك. فوقوع المستحيل في العادة ممكن لله ﷿، فإذا صح الخبر به تحققنا من وقوعه، وأيقنا به. الإيمان بالرسل الكرامات وقد جاء في القرآن ذكر ثلاثة أنواع، فيها وقوع المستحيل في العادة. نوع وقع على يد الرسل لما تحدتهم أقوامهم، إثباتًا لرسالتهم، وتأكيدًا لصدقهم، ويسمى المعجزة، فإبراهيم ألقي في النار، فبدل الله طبيعة النار المحرقة وجعلها بردًا وسلاما. وموسى ألقى عصاه فانقلبت حية، وضرب بها الصخر فانبجس منه الماء والبحر فانحسر حتى مشى فيه الناس. وعيسى أحيا الموتى بإذن الله، وكذلك كل ما جاء في القرآن من المعجزات.

(١) الهمزة هنا تكتب على واو بعدها واو الجمع، ويرى (المبرد) صاحب الكتاب (الكامل) كتابتها مفردة، وجرى على هذا المدرسون في مصر. والأول هو الأصح فيما أرى. (٢) أي سنن الله في الكون.

1 / 166