الطعام لبلاغا، ولا حاجة بنا إلى عُنيزتكِ، فقالت: انتم أضيافٌ وأنا المَنزولُ بها، ولولا أني امرأَة لذَبَحْتُها. فقام احدُهم مُتَعَجِّبًَا منها فذبح العَنْز، فأتخَّذت لهم طعامًا وقرَّبته اليهم، فلمّا اصبحوا غَدَتْهم ببقيتَّها، ثم قالت: أينَ تُريدون؟ قالوا: طَلْحة الطَّلَحات بخُراسان. فقالت: إذنْ والله تأتون سيِّدًا ماجِدًا صِهْميمًا، غَيْر وَخشٍ ولا كَزومٍ هَلْ انْتُم مُبلِغوه كتابًا إن دَفَعْتَه الَيكُم؟ فَضَحكِوا، فقالوا: نفعَلُ وكرامة. فدَفَعْتْ الَيْهم كِتابًَا على قِطعةِ جرابٍ عِندَها.
فلمّا قدموا على طلحة، جعل يسألهم عما خلفوا، وما رأوا في طريقهم فذكروا العجوز وقالوا: نُخْبِرُ الاميرَ عَنْ عَجَبٍ رَأيناه. واخبروه بقصّة العجوز وصَنيعِها وقَوْلتها فيه، ثم قالوا: ولَها عندنا كِتاب اليك، ودفعوه اليه، فلمّا قرأَ الكتابَ ضَحِكَ وقال: لَحَاهَا الله منْ عجوز، ما أحْمَقَها، تكتُب إلى من اقَصْى الحِجاز تسأَلُنِي مِنْ جُبْنِ خُراسان. ولم يَدَعْ للوَفْد حَاَجةً الا قَضاها، فلمّا ارادوا الخُروج قال: هَل أَنتُم مُبلِغوها الجُبْن الذي سأَلَتْ؟ قالوا: نَعم. وقد كان أَمَرَ بِجبنْتَيَنِ عَظِيمَتَيْنِ، فأمرَ بنَقْبِهمِا ومَلاَهُمَا دَنانير، وسوَّى عليهما، ثم قَال: بَلِّغوها الجَبنَتَيْن،
1 / 73