312

Al-taʿlīq ʿalā al-Muwaṭṭaʾ fī tafsīr lughātih wa-ghawāmiḍ iʿrābih wa-maʿānīh

التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه

Editor

الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين (مكة المكرمة - جامعة أم القرى)

Publisher

مكتبة العبيكان

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

بالعَشِيرِ، والعَرَبُ تَحْذِفُ المَعْطُوْفَ عَلَيهِ اخْتِصَارًا: إِذَا كَانَ فِي اللَّفْظِ دَلِيلٌ عَلَيهِ كَقَوْلِ القَائِلِ لِصَاحِبِهِ: مَرْحَبًا فَيقُوْلُ الآخَرُ: بِكَ وأَهْلًا وَسَهْلًا، يُرِيدُ: وَبِكَ مَرْحَبًا وأَهْلًا؛ لَكِنَّهُ حَذَفَ المُوْجِبَ لِتَقَدُّمِهِ في كَلامِ مَنْ تُخَاطِبُ.
وأَمَّا رِوَايَةُ غَيرِ يَحْيَى فَبِغَيرِ وَاوٍ. والعَشِيرُ -هُنَا-: الزَّوْجُ، وَكُلُّ مَنْ يُعاشِرُكَ فَهُوَ عَشِيرٌ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ العَشِيرُ فَعِيلًا بِمَعْنَى مُفَاعِلَ بِعَينٍ مَفْتُوْحَةٍ وَمَكْسُوْرَةٍ؛ لأنَّ المُعَاشَرَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا مِنْ اثْنَينِ كَجَلِيسٍ وأَكِيلٍ وشَرِيبٍ، ومِنْهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (١): ﴿حَسِيبًا﴾ أَي: مُحَاسِبًا.
- وَقَوْلُهُ: "عَائِذًا باللهِ" [٣]. في نَصْبِهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُوْنَ مَنْصُوْبًا عَلَى الحَالِ المُؤَكِّدَةِ النَّائِبَةِ مَنَابَ المَصْدَرِ السَّادَةِ مَسَدَّهُ، والعَامِلُ فِيه مَحْذُوْف كَأَنَّهُ قَال: أَعُوْذُ باللهِ عَائِذًا؛ وَلَمْ يَذْكُرِ الفِعْلَ؛ لأنَّ الحَال نَائِبَةٌ عَنْهُ. والثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ مَصْدَرًا جَاءَ عَلَى مِثَالِ فَاعِلٍ كَقَوْلهِمْ: عُوفِيَ عَافِيَةً وفُلِجَ فَالِجًا، والأوَّلُ مَذْهَبُ سِيبَوَيهِ (٢)، والثَّانِي: مَذْهَبُ المُبَرَّدِ. والقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنه انْتَصَبَ لِوُقُوْعِهِ مَوْقعَ الفِعْلِ المُضَارعِ، وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ الكُوْفِيِّيِّنِ، زَعَمَ أَنَّ وُقُوع اسمِ الفَاعِلِ مَوْقعَ الفِعْلِ المُضَارعِ يُوْجِبُ لَهُ النَّصْبَ، كَمَا أَنَّ وُقُوْعَ المُضَارعِ مَوْقعَ اسمِ الفَاعِل يُوْجبَ لَهُ الرَّفْعُ، وعَلَى هَذَا كَانَ يَتأوَّلُ قَوْلَهُ تَعَالى (٣): ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ وَذَكَرَ سِيبَوَيهِ أَنَّ مِنَ

(١) سورة النِّساء، وهي في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيهِمْ أَمْوَالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾.
(٢) الكتاب (١/ ٣٤١، ٣٤٧) (هَارُون).
(٣) سورة القيامة، الآية: ٤.

1 / 222