وَقَال سِيبَوَيهِ (١): إِنَّمَا نَوَّنَهُ هُنَا لأنَّهُ نَكَّرَهُ، كَمَا يُنَوَّنُ عُثْمَانُ إِذَا نكِّرَ، ويَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَال سِيبَوَيهِ قَوْلُ الأعْشَى (٢):
* سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاجِرِ *
فَلَمْ يُنَوِّنْهُ، وَهُوَ غَيرُ مُضَافٍ. وَقَوْلُ القَائِلِ: "سُبْحَانَكَ وبِحَمْدِكَ" البَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ مَحْذُوْفٍ تَقْدِيرُهُ: وَبِحَمْدِكَ أُسبِّحُكَ فَحُذِفَ اخْتِصَارًا.
- وَقَوْلُهُ: "سَمعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" [١٦]. مَعْنَى سَمِعَ: تَقَبَّلَ، وَمِنْهُ [قَوْلُهُ تَعَالى] (٣): ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ أَي: قَائِلُوْنَ لَهُ (٤)، وَلَا يَجُوزُ أَن يُرادَ السَّمَاعُ المَعْرُوْفُ؛ لأن الإنْسَانَ يَسْمَعُ الصِّدْقَ والكَذِبَ وكَذلِكَ: "سَمعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" خُرِّجَتْ مَخْرَجَ الخَبَرِ، وَمَعْنَاهَا الدُّعَاءُ، بِمَعْنَى اللهُمَّ اسْمَعْ مِمَّنْ
(١) الكتاب (١/ ١٦٤).
(٢) ديوانه "الصُّبح المُنير" (١٠٦) وصدره:
* أقُوْلُ لَمَّا جَاءَنِي فَجْرُهُ *
وَهُوَ من قَصِيدَة يَهْجُو عَلْقَمَةَ بنَ عُلَاثَةَ، ويَمْدَحُ عَامِرَ بنَ الطُّفَيلِ، من أَجْلِ مُنَافَرةٍ كَانَت بَينَهُمَا أَوَّلُهَا:
شَاقَتْكَ مِنْ قَتْلَةَ أَطْلَالُهَا ... بِالشَّط فَالوتْرِ إِلَى حَاجِرِ
والشَّاهِدُ في: الكتاب (١/ ١٦٣)، وشرح أبياته لابن السِّيرافي (١/ ١٥٧)، والنُّكت عليه للأعلم (١/ ٣٧٣)، وهو في مجاز القرآن (١/ ٣٦)، والمُقْتَضَب (٣/ ١٨)، ومجالس ثعلب (٢٦١)، والخَصَائص (٢/ ١٩٧، ٤٣٥، ٣/ ٣٢)، وتفسير القُرطبي (١٠/ ٢٠٤)، ووضح البُرهان (٢/ ٥)، وأمالي ابن الشَجَرِيِّ (٢/ ١٠٧، ٥٧٨)، وشرح المفصَّل (١/ ٣٧، ١٢٠)، والخِزَانَة (٢/ ٤١، ٣/ ٢٥١).
(٣) سورة المائدة، الآية: ٤١.
(٤) كذا في الأصل، ولعل صحة العبارة: "قابلون به".