Al-Taʿarruf li-madhhab ahl al-taṣawwuf
التعرف لمذهب أهل التصوف
Publisher
دار الكتب العلمية
Publisher Location
بيروت
وَيكون صَاحبهَا مَحْفُوظًا عَن النّظر إِلَى نَفسه فَلَا يدْخلهُ عجب وَيكون مسلوبا من الْخلق بِمَعْنى النّظر إِلَيْهِم بحظ فَلَا يفتنونه وَيكون مَحْفُوظًا عَن آفَات البشرية وَإِن كَانَ طبع البشرية قَائِما مَعَه بَاقِيا فِيهِ فَلَا يستحلى حظا من حظوظ النَّفس استحلاء يفتنه فِي دينه واستحلاء الطَّبْع قَائِم فِيهِ وَهَذِه هِيَ خُصُوص الْولَايَة من الله للْعَبد
وَمن كَانَ بِهَذِهِ الصّفة لم يكن لِلْعَدو إِلَيْهِ طَرِيق بِمَعْنى الإغواء لقَوْله جلّ وَعز ﴿إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان﴾ وَهُوَ مَعَ هَذَا لَيْسَ بمعصوم من صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة فَإِن وَقع فِي أحديهما قارنته التَّوْبَة الْخَالِصَة
وَالنَّبِيّ مَعْصُوم لَا يجْرِي عَلَيْهِ كَبِيرَة بِإِجْمَاع وَلَا صَغِيرَة عِنْد بَعضهم
وَزَوَال خوف الْعَاقِبَة لَيْسَ بممتنع بل هُوَ جَائِز فقد أخبر النَّبِي ﷺ أَصْحَابه بِأَنَّهُم من أهل الْجنَّة وَشهد للعشرة بِالْجنَّةِ والراوي لَهُ سعيد ابْن زيد وَهُوَ أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ وَشَهَادَة النَّبِي ﷺ توجب سكونا إِلَيْهَا وطمأنينة بهَا وَتَصْدِيقًا لَهَا وَهَذَا يُوجب الْأَمْن من التَّغْيِير وَزَوَال خوف التبديل لَا محَالة
وَالرِّوَايَات الَّتِي جَاءَت فِي خوف المبشرين من قَول ابي بكر ﵁ يَا لَيْتَني كنت تَمْرَة ينقرها الطير
وَقَول عمر ﵁ ياليتني كنت هَذِه النبتة لَيْتَني لم أك شَيْئا
وَقَول أبي عُبَيْدَة بن الْجراح ﵁ وددت أَنِّي كَبْش فيذبحني أَهلِي ويأكلون لحمي ويحسون مرقي
وَقَول عَائِشَة ﵂ يَا ليتي كنت ورقة من هَذِه الشَّجَرَة وَهِي من شهد لَهَا عمار بن يَاسر على مِنْبَر الْكُوفَة فَقَالَ اشْهَدْ أَنَّهَا زَوْجَة النَّبِي ﷺ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
1 / 75