62

Al-Taʿarruf li-madhhab ahl al-taṣawwuf

التعرف لمذهب أهل التصوف

Publisher

دار الكتب العلمية

Publisher Location

بيروت

معنى من تعرف إِلَيْهِ أَي من تعرف الله إِلَيْهِ وَمعنى من توَحد لَهُ أَي أرَاهُ أَنه وَاحِد
وَقَالَ الْجُنَيْد الْمعرفَة معرفتان معرفَة تعرف وَمَعْرِفَة تَعْرِيف معنى التعرف ان يعرفهُمْ الله ﷿ نَفسه ويعرفهم الْأَشْيَاء بِهِ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيم ﵇ لَا أحب الآفلين وَمعنى التَّعْرِيف أَن يُرِيهم آثَار قدرته فِي الْآفَاق والأنفس ثمَّ يحدث فيهم لطفا تدلهم الْأَشْيَاء أَن لَهَا صانعا وَهَذِه معرفَة عَامَّة الْمُؤمنِينَ وَالْأولَى معرفَة الْخَواص وكل لم يعرفهُ فِي الْحَقِيقَة إِلَّا بِهِ
وَهَذَا كَمَا قَالَ مُحَمَّد بن وَاسع مَا رَأَيْت شَيْئا إِلَّا وَرَأَيْت الله فِيهِ
وَقَالَ غَيره مَا رَأَيْت شَيْئا إِلَّا وَرَأَيْت الله قبله
وَقَالَ ابْن عَطاء تعرف إِلَى الْعَامَّة بخلقه لقَوْله ﴿أَفلا ينظرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيفَ خلقت﴾ وَإِلَى الْخَاصَّة بِكَلَامِهِ وَصِفَاته بقوله ﴿أَفلا يتدبرون الْقُرْآن﴾ وَقَالَ ﴿وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين﴾ ﴿وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى﴾ وَإِلَى الْأَنْبِيَاء بِنَفسِهِ كَمَا قَالَ ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك روحا من أمرنَا﴾ وَقَالَ ﴿ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل﴾ وَقَالَ بعض الكبراء من أهل الْمعرفَة ... لم يبْق بيني وَبَين الْحق تبياني ... وَلَا دَلِيل وَلَا آيَات برهاني ... هَذَا تجلى طُلُوع الْحق نائرة ... قد أزهرت فِي تلاليها بسُلْطَان ...

1 / 64