وقالَ آخرون: حدُّ الحدِّ: «ما اطّرد وانعكس»، وهذا صحيحُ؛ لأنَّ الحدَّ كاشفُ عن حقيقة الشَّيءِ فاطّرادُهُ يُثبِتُ حقيقتَه أينما وُجِدَتْ وانعكاسُهُ يَنفيها حَيثُما فُقِدت وهذا هو التَّحقيقُ، بخلاف العلامة، فإِنّ العلامة تَطّردُ ولا تنعكسُ، ألا تَرى أنّ كلَّ اسمٍ دخلَ عليه حرفُ الجرّ والتَّنوين وما أشبههما أَنَّى وُجِدَ حُكِمَ بكون اللّفظ اسمًا، ولا ينفي كونه اسمًا بامتناع حرف الجرّ، ولا بامتناع التَّنوين ونحوهما؛ وإذْ قد بانت حقيقةُ الحدّ فنشرعُ في تحقيق ما ذكر من الحُدود وإفساد الفاسد منها.
أما قولهم: الاسمُ كلُّ لفظٍ دلَّ على معنى مفردٍ في نفسه، فحدُّ صحيح إذ الحدُّ ما جمع الجنس والفصل واستوعبه جنسُ المحدود، وهو كذلك هاهُنا، ألا ترى أنّ الفعل يدلُّ على معنيين حدث وزمان، «وأمس» وما أشبهه يدلُّ على الزَّمان وحده، فكان الأول فعلًا والثاني اسمًا، والحرفُ لا يدلُّ على معنى في نفسِهِ، فقد تَحقّق فيما ذكرناه الجنس، والفصل، والاستيعاب، وأمَّا قولُ ابنِ السّراج فصحيحُ أيضًا، فإنّ الاسم يدل على معنى في نفسِهِ، فيفه احترازُ من الحرف وقوله «غير مقترن بزمانٍ محصّل» يخرج منه الفعل فإنه يدلُّ على الزمان المقترن به، وأما المَصادر فلا دلالة لها على الزمان، المَجهول ولا المُعَيّن على ما ذكرنا، ومن قالَ منهم: يدلُّ على الزَّمان المجهول فقد احترز عنه بقوله «مُحَصّل» فإن
1 / 124