Clarification of the Realities: Commentary on Treasure of Minutes with Shalabi's Marginalia
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي
Publisher
المطبعة الكبرى الأميرية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1314 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Hanafi Fiqh
[مُقَدِّمَة الْكتاب]
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَحَ قُلُوبَ الْعَارِفِينَ بِنُورِ هِدَايَتِهِ، وَزَيَّنَهَا بِالْإِيمَانِ وَمَا أَلْهَمَهَا مِنْ حِكْمَتِهِ، أَحْمَدُهُ حَمْدَ عَارِفٍ لِعَظَمَتِهِ مُقِرٍّ بِوَحْدَانِيِّتِهِ، وَعَلَى مَنْ خَتَمَ بِهِ الرِّسَالَةَ أَفْضَلَ صَلَاتِهِ وَتَحِيَّتِهِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى الْمَخْصُوصِ بِإِظْهَارِ مِلَّتِهِ عَلَى الْمِلَلِ كُلِّهَا وَدَوَامِ شَرِيعَتِهِ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَنِهَايَتِهِ، وَعَلَى آلِهِ الْكِرَامِ وَجَمِيعِ صَحَابَتِهِ وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ إلَى يَوْمِ الدِّينِ بِإِحْيَاءِ سُنَّتِهِ.
(أَمَّا بَعْدُ) فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْت هَذَا الْمُخْتَصَرَ الْمُسَمَّى بِكَنْزِ الدَّقَائِقِ أَحْسَنَ مُخْتَصَرٍ فِي الْفِقْهِ حَاوِيًا مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْوَاقِعَاتِ مَعَ لَطَافَةِ حَجْمِهِ لِاخْتِصَارِ نَظْمِهِ، أَحْبَبْت أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرْحٌ مُتَوَسِّطٌ يَحُلُّ أَلْفَاظَهُ، وَيُعَلِّلُ أَحْكَامَهُ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ يَسِيرًا مِنْ الْفُرُوعِ مُنَاسِبًا لَهُ مُسَمًّى بِتَبْيِينِ الْحَقَائِقِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَبْيِينِ مَا اكْتَنَزَ مِنْ الدَّقَائِقِ وَزِيَادَةِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ اللَّوَاحِقِ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنِي لِإِتْمَامِهِ مُعْتَصِمًا بِهِ عَنْ الزَّلَلِ وَالْخَلَلِ فِيمَا أَقُولُ وَأَفْعَلُ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]
[الْوُضُوء]
(كِتَابُ الطَّهَارَةِ) قَالَ ﵀ (فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ وَجْهِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] قَالَ ﵀: (وَهُوَ مِنْ قِصَاصِ الشَّعْرِ إلَى أَسْفَلِ الذَّقَنِ وَإِلَى شَحْمَتَيْ الْأُذُنِ) أَيْ الْوَجْهُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ وَهِيَ تَقَعُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ قِصَاصِ الشَّعْرِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَإِلَّا فَحَدُّ الْوَجْهِ فِي الطُّولِ مِنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَهُوَ مِنْ قِصَاصِ الشَّعْرِ إلَى آخِرِهِ) نُوقِشَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ مِنْ وُجُوهٍ (الْأَوَّلُ) أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ قِصَاصِ شَعْرِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ فِي الطُّولِ مِنْ مَبْدَأِ سَطْحِ الْجَبْهَةِ إلَى مُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. (الثَّانِي) أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَى شَحْمَتَيْ الْأُذُنِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَى أَسْفَلِ ذَقَنِهِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي حُكْمِهِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى حَدُّ الْوَجْهَ طُولًا مِنْ قِصَاصِ شَعْرِهِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَسْفَلِ الذَّقَنِ وَإِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى شَحْمَتَيْ الْأُذُنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا لَا يَخْفَى. (الثَّالِثُ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَإِلَى شَحْمَتَيْ الْأُذُنَيْنِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أُذُنٍ شَحْمَةً وَالْعَرْضُ مِنْ الشَّحْمَةِ إلَى الشَّحْمَةِ وَلَيْسَ لِلْأُذُنِ الْوَاحِدَةِ شَحْمَتَانِ. (الرَّابِعُ) يَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِّ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْفَمِ وَأُصُولِ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ وَوَنِيمِ الذُّبَابِ وَدَمِ الْبَرَاغِيثِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ فِيهِ مُقَدَّرًا وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعَسُّفٌ وَهُوَ أَيْضًا بِعَيْنِهِ عِبَارَةُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَحَدُّ الْوَجْهِ مِنْ قِصَاصِ الشَّعْرِ إلَى أَسْفَلِ الذَّقَنِ وَإِلَى شَحْمَتَيْ الْأُذُنِ؛ لِأَنَّ الْمُوَاجَهَةَ تَقَعُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَتَسَامَحُونَ فِي إطْلَاقِ الْعِبَارَاتِ وَلَكِنَّ الْعِبَارَةَ الْمُنَقَّحَةَ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ مِنْ قِصَاصِ شَعْرِهِ إلَى أَسْفَلِ ذَقَنِهِ وَمِنْ شَحْمَةِ الْأُذُنِ إلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ وَعَنْ الثَّالِثِ بِمَا قَدَّرْنَا أَيْضًا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ، وَعَنْ الرَّابِعِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ سَقَطَتْ لِلْحَرَجِ وَعَلَى حَدِّ مَنْ يَقُولُ الْوَجْهُ مَا يُوَاجِهُهُ الْإِنْسَانُ لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْمُوَاجَهَةِ عَيْنِيٌّ وَفِي الْقَافِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ وَالضَّمُّ أَعْلَاهَا وَقَوْلُهُ إلَى أَسْفَلِ الذَّقَنِ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ وَهُوَ مُجْتَمَعُ لَحْيَيْهِ
1 / 2