Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُومِ. وَالْقَدُومُ مَوْضِعٌ، وَكَانَ لَهُ يَوْمَ اخْتُتِنَ ثَمَانُونَ سَنَةً. وَقِيلَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَهُوَ خَتَنَ نَفْسَهُ.
وَسَأَلَ رَبَّهُ ﷿ أَنْ يُرِيَهُ كَيْفَ يُحْيِي الْمَوْتَى. وَفِي سَبَبِ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ رَأَى مَيْتَةً تُمَزِّقُهَا السِّبَاعُ وَالْهَوَامُّ، فَسَأَلَ ذَلِكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِاتِّخَاذِهِ خَلِيلا سَأَلَ لِيَعْلَمَ بِإِجَابَتِهِ صِحَّةَ الْبِشَارَةِ. قَالَهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يُزِيلَ عَوَارِضَ الْوَسْوَاسِ. قَالَهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَمَّا قال لنمرود: ربي الذي يحيي ويميت. أحب أن يرى ما أخبر بِهِ. قَالَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ.
وَأَمَّا نُمْرُودُ فَإِنَّهُ بقي بعد إلقاء الخليل في النار أربعمائة عَامٍ لا يَزْدَادُ إِلا عُتُوًّا، ثُمَّ حَلَفَ لَيَطْلُبَنَّ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ: أَخَذَ أَرْبَعَةَ أَفْرَاخٍ مِنْ أَفْرَاخِ النُّسُورِ، فَرَبَّاهُنَّ بِاللَّحْمِ وَالْخَمْرِ. حَتَّى إِذَا كَبِرْنَ وَاسْتَفْحَلْنَ قَرَنَهُنَّ بِتَابُوتٍ، وَقَعَدَ فِي ذَلِكَ التَّابُوتِ، ثُمَّ رَفَعَ لَهُنَّ اللَّحْمَ فَطِرْنَ بِهِ، حَتَّى إِذَا ذَهَبَ فِي السَّمَاءِ أَشْرَفَ يَنْظُرُ إِلَى الأَرْضِ، فَرَآهَا كَأَنَّهَا فُلْكٌ فِي مَاءٍ، ثُمَّ صَعِدَ فَوَقَعَ فِي ظُلْمَةٍ فَلَمْ يَرَ مَا فَوْقَهُ وَلا مَا تَحْتَهُ، فَفَزِعَ فَنَكَّسَ اللَّحْمَ فَاتَّبَعْنَهُ مُنْقَضَّاتٍ، فلما نزل أخذ بيني الصَّرْحَ فَسَقَطَ الصَّرْحُ.
قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نُمْرُودَ مَلَكًا فَقَالَ لَهُ: آمِنْ بِي وَأَتْرُكُكَ عَلَى مُلْكِكَ. فَقَالَ: وهل رب غيري. فأتاه ثاينًا وَثَالِثًا، فَأَبَى. فَفَتَحَ عَلَيْهِ بَابًا مِنَ الْبَعُوضِ فَأَكَلَتْ لُحُومَ قَوْمِهِ وَشَرِبَتْ دِمَاءَهُمْ. وَبَعَثَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهِ بَعُوضَةً فَدَخَلَتْ فِي مَنْخِرِهِ فمكث أربعمائة عَامٍ يُضْرَبُ رَأْسُهُ بِالْمَطَارِقِ، وَأَرْحَمُ النَّاسِ بِهِ مَنْ يَجْمَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَضْرِبُ بِهِمَا رَأْسَهُ، فَعُذِّبَ بِذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: عُذِّبَ بِالْبَعُوضَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ مَاتَ.
1 / 117