87

Tabsira

التبصرة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

لَوْ أَحْسَنْتَ الْخَلاصَ أَحْسَنْتَ، لَوْ آمَنْتَ بِالْعَرْضِ لَتَجَمَّلْتَ وَتَزَيَّنْتَ، يَا مَنْ قَدِ انْعَجَمَتْ عَلَيْهِ الأُمُورُ لَوْ سَأَلْتَ لَتَبَيَّنْتَ، وَيْحَكَ أَحْضِرْ قَلْبَكَ إِنَمَّا أَنْتَ فِي الدُّنْيَا غَرِيبٌ ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ ينادي المنادي من مكان قريب﴾ . إِلَى مَتَى أَنْتَ مَعَ أَغْرَاضِكَ، مَتَى يَنْقَضِي زَمَانُ إِعْرَاضِكَ، يَا زَمَنَ الْبِلَى مَتَى زَمَنُ إنهاضك، تاالله لَقَدْ كَعَّ مِنْ أَمْرَاضِكَ الطَّبِيبُ. قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يوم يسمعون الصيحة﴾ وهي النفخة الثانية ﴿بالحق﴾ أَيْ بِالْبَعْثِ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ ﴿ذَلِكَ يوم الخروج﴾ مِنَ الْقُبُورِ، تَنْشَقُّ السَّمَاءُ ذَاتُ الْبُرُوجِ انْشِقَاقَ الثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ، بِأَعْجَبِ فُطُورٍ وَأَظْرَفِ فُرُوجٍ، وَيُنْثَرُ حَبُّ السَّمَاءِ وَيَسْقُطُ الدُّمْلُوجُ وَتُقْبِلُ الْمَلائِكَةُ إِقْبَالَ الْفُيُوجِ وَتَمِيدُ الأَرْضُ فَتُفْلَقُ وَتَمُوجُ، وَتَعُودُ جَرْدَاءَ بَعْدَ الرِّيَاضِ وَالْمُرُوجِ، وَتُذَلُّ الْعُتَاةُ وَتَنْكَسِرُ الْعُلُوجُ، وَتَسْتَوِي أَقْدَامُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَالزُّنُوجِ، فَأَخَسُّ الْخَلائِقِ يَوْمَئِذٍ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَأَحْقَرُ النَّاسِ عَلَى طُولِهِ عُوجُ، وَيَقْرُبُ الْحِسَابُ وَيَرُوجُ، وَيُنْصَبُ الصِّرَاطُ وَالرِّيحُ خَجُوجٌ، أَيْنَ حَرَارَةُ الْقُلُوبِ أَضُرِبَتْ بِالثُّلُوجِ ﴿يَوْمَ يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج﴾ . قوله تعالى: ﴿إنا نحن نحيي ونميت﴾ أَيْ نُمِيتُ فِي الدُّنْيَا وَنُحْيِي بِالْبَعْثِ ﴿وَإِلَيْنَا المصير﴾ بَعْدَ الْبَعْثِ ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا﴾ الْمَعْنَى: فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا سِرَاعًا. يَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ لا تَسْتَطِيعُ لَهُ دِفَاعًا، صَاحَ بِهِمْ مَنْ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ مُطَاعًا، فَنَازَلَتْهُمُ الْحَسَرَاتُ فأسرتهم فزاعًا، وَاسْتَسْلَمُوا لِلْهَلاكِ وَمَا مُدَّ بَعْدُ بَاعًا، سَمَاعًا لِمَا يَجْرِي يَوْمَئِذٍ سَمَاعًا ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عنهم سراعا﴾ . مَزَّقَتْهُمُ اللُّحُودُ تَمْزِيقًا مُشَاعًا، وَصُيِّرَتْ تِلْكَ الأَبْدَانُ رُفَاتًا شِيَاعًا، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَقَامُوا عِطَاشًا جِيَاعًا، وَعَلِمُوا أَنَّ الْهَوَى كَانَ لَهُمْ خِدَاعًا، فَتَدَاعَى بِالْوَيْلِ مَنْ كَانَ بِالسُّرُورِ تَدَاعَى ﴿يَوْمَ تشقق الأرض عنهم سراعا﴾ .

1 / 107