Al-Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
بالليل وأنت حامل القرآن! أَمَا تَخَافُ أَنْ يَأْخُذَكَ وَأَنْتَ نَائِمٌ.
يَا غَافِلا طُولَ دَهْرِهِ عَنْ مَمَرِّ يَوْمِهِ وَشَهْرِهِ، يَا مَوْعُوظًا فِي سِرِّهِ وَجَهْرِهِ بِجَفَافِ النَّبَاتِ وَزَهْرِهِ، يَا مُنَبَّهًا فِي أَمْرِهِ بِأَسْرِهِ عَلَى حَبْسِهِ وَأَسْرِهِ، يَا مَذْكُورًا فِي عُسْرِهِ وَيُسْرِهِ، سَلْ حَادِثَاتِ الزَّمَانِ عَنْ يُسْرِهِ، يَا عُصْفُورًا لا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهِ وَتَخْرِيبِ وَكْرِهِ، ثُمَّ لا يَجُولُ ذَلِكَ عَلَى فِكْرِهِ، مَتَى يَفِيقُ سَكْرَانُ الْهَوَى مِنْ سُكْرِهِ فَيَسْتَبِدُّ الْعِرْفُ بِنُكْرِهِ، أَلا يَتَنَبَّهُ هَذَا الْمُبَذِّرُ لِبَذْرِهِ، أَلا يَتَيَقَّظُ الْجَانِي لإِقَامَةِ عُذْرِهِ، وَاللَّهِ لَوْ سَكَّنَ قَلْبُهُ خَوْفَ حَشْرِهِ لَخَرَجَ فِي أَعْمَالِ الْجِدِّ مِنْ قِشْرِهِ، بَلْ لَوْ تَفَكَّرَ حَقَّ التَّفَكُّرِ فِي نَشْرِهِ لَمْ يَبِعْ ثَوْبًا وَلَمْ يَشْرِهِ، مَضَى الزَّمَانُ فِي مَدِّ اللَّهْوِ وَجَزْرِهِ، وَمَا حَظِيَ الْمُفَرِّطُ بِغَيْرِ وِزْرِهِ، تَاللَّهِ لَقَدِ اغْتَبَطَ الْمُحْسِنُ فِي قَبْرِهِ وَنَدِمَ الْمُسِيءُ عَلَى قِلَّةِ صَبْرِهِ، بأحسن مَا أَطَاعَ بِتَرْتِيلِ الْقُرْآنِ أَبُو عَمْرٍو وَيا خُسْرَ مَا أَضَاعَ أَبُو نُوَاسٍ فِي خَمْرِهِ.
(حَيَاةٌ وَمَوْتٌ وَانْتِظَارُ قِيَامَةٍ ... ثَلاثٌ أَفَادَتْنَا أُلُوفَ مَعَانِي)
(فَلا تُمْهِرِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةَ إِنَّهَا ... تُفَارِقُ أَهْلِيهَا فِرَاقَ لِعَانِ)
(وَلا تَطْلُبُوهَا مِنْ سِنَانٍ وَصَارِمٍ ... بِيَوْمِ ضِرَابٍ أَوْ بِيَوْمِ طِعَانِ)
(فَإِنْ شِئْتُمَا أَنْ تَخْلُصَا مِنْ أَذَاتِهَا ... فَحُطَّا بِهَا الأَثْقَالَ وَاتَّبِعَانِي)
(عَجِبْتُ مِنَ الصُّبْحِ الْمُنِيرِ وَضِدِّهِ ... عَلَى أَهْلِ هَذَا الضِّدِّ يَطَّلِعَانِ)
(وَقَدْ أَخْرَجَانِي بِالْكَرَاهَةِ مِنْهُمَا ... كَأَنَّهُمَا لِلضَّيْفِ مَا وَسِعَانِي)
(دَعَانِي إِلَى هَذا التَّفَرُّدِ إِنَّنِي ... خَبِيرٌ فَجُدَّا فِي السُّرَى وَدَعَانِي)
سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿إِنَّ الأبرار لفي نعيم﴾ مَا أَشْرَفَ مَنْ أَكْرَمَهُ الْمَوْلَى الْعَظِيمُ، وَمَا أَعْلَى مَنْ مَدَحَهُ فِي الْكَلامِ الْقَدِيمُ، وَمَا أَسْعَدَ مَنْ خَصَّهُ بِالتَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ، وَمَا أَقْرَبَ مَنْ أَهَّلَهُ لِلْفَوْزِ وَالتَّقْدِيمِ، وَمَا
1 / 230