Tabsira
التبصرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
مُجَاهِدٌ: وَكَانَ مَوْضِعُهُ بَعْدَ الْغَرَقِ أَكَمَةً حَمْرَاءَ لا تَعْلُوهَا السُّيُولُ وَكَانَ يَأْتِيهَا الْمَظْلُومُ وَيَدْعُو عِنْدَهَا الْمَكْرُوبُ.
قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: لَمَّا سَلِمَ الْخَلِيلُ مِنَ النَّارِ خَرَجَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مُهَاجِرًا، فَتَزَوَّجَ سَارَّةَ بِحَرَّانَ، وَقَدِمَ مِصْرَ وَبِهَا فِرْعَوْنُ مِنَ الْفَرَاعِنَةِ، فَوُصِفَ لَهُ حُسْنُهَا فَبَعَثَ
فَأَخَذَهَا، فَلَمَّا دَخَلَتْ قَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تصلي وتقول: اللهم إني آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلا عَلَى زَوْجِي، فَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ. فَغَطَّ حَتَّى رَكَضَ الأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ. فَأَرْسِلْ. ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَدَعَتْ فَغَطَّ حَتَّى رَكَضَ الأَرْضَ بِرِجْلِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ فَقَالَ: رُدُّوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَعْطُوهَا هَاجَرَ.
فَوَهَبَتْهَا لإِبْرَاهِيمَ وَقَالَتْ: لَعَلَّهُ يَأْتِيكَ مِنْهَا وَلَدٌ، وَكَانَتْ سَارَّةُ قَدْ مُنِعَتِ الْوَلَدَ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِسْمَاعِيلَ فَهُوَ بِكْرُ أَبِيهِ، وُلِدَ لَهُ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا وَلَدَتْ غَارَتْ سَارَّةُ وَأَخْرَجَتْهَا، وَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا بَضْعَةً. فَحَفِظَتْهَا ثُمَّ قَالَتْ: لا تُسَاكِنَنِّي فِي بَلَدِي.
فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ، فَذَهَبَ بِهَا وَبِابْنِهَا، وَالْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ رَبْوَةٌ حَمْرَاءُ فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ أَهُنَا أُمِرْتُ أَنْ أَضَعَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَنْزَلَهُمَا مَوْضِعَ الْحَجَرِ وَأَمَرَ هَاجَرَ أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِ عَرِيشًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ، قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّاوُدِيُّ، قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَعْيَنَ السَّرَخْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعُزَيْزِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَةَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَّةَ. ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَاكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إبراهيم أين
1 / 127