ثم "الوصايا".
وأختم بأوضح دليل لمسته على الخلاف في ترتيب أبواب "التبصرة" من (ق ١)؛ حيث جاء في آخر هذه النسخة قولُ الناسخ: (كمل السفر السادس من التبصرة لأبي حسن اللخمي، وبتمامه تم جميع الديوان بحمد الله وعونه)، وفي حاشيته اليمنى طُرَّة جاء فيها -بخط مختلف- ما نصُّه: (بل يتلوه كتاب الحدود في القذف، ثم كتاب الأشربة، ثم كتاب الجراح، ثم كتاب الديات).
قلتُ: وإن كان الاختلاف بين النسخ في ترتيب محتوياتها راجعًا -في بعض المواضع والمواضيع- إلى اجتهاد الناسخ نفسه، فإن الأمر ليس على هذه الحال دائمًا، بل نجد في نصِّ المؤلِّف ما يرجِّحُ ترتيبًا على غيره في بعض المواضع، وأمثلة ذلك كثيرة؛ فقد قال ﵀ في كتاب الطهارة عند حديثه عن الدم يصيب الثوب: (وقد مضى ذكر ذلك في كتاب الأطعمة وما يحل أكله من ذلك وما يحرم)!!! مع أن كتاب الطهارة -على ما هو معلوم من كتب الفقه الإسلامي بعامة والمالكي بخاصة- يتقدم ما سواه من أبواب الفقه، فتنبَّه!
وقال ﵀ في كتاب "الحج الأوَّل": (وقد مضى ذكر هذا الحديث في كتاب النذر)، وفي هذه العبارة تنكيسٌ -بتقديم كتاب "النذر" على كتاب "الحج"- لا يخفى.
وقال في كتاب "الجهاد": (وقد تقدَّم بعض ذلك في كتاب الأرضين)، مع أنَّ كتاب "الأرضين" يأتي -متأخرًا عن هذا الموضع- إذ موضعه في أبواب المعاملات من البيوع.
وقال في كتاب "الأيمان بالطلاق": (وقد تقدم ذلك في كتاب العتق)، وقال في كتاب "العدة وطلاق السُّنَّة": (وقد تقدم ذكر الطلاق في الحيض في
مقدمة / 37