The Layers of Scholars of Ifriqiya and Tunis

Abu al-Arab al-Tamimi d. 333 AH
70

The Layers of Scholars of Ifriqiya and Tunis

طبقات علماء إفريقية وتونس

Publisher

دار الكتاب اللبناني

Publisher Location

بيروت

أَبُو زَكَرِيَّاءَ الْهِرَقْلِيُّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ سَعْدُونًا الصَّوَّافَ كَانَ شَرِيكًا لأَبِي زَكَرِيَّاءَ الْهِرَقْلِيِّ فِي الزَّرْعِ، فَلَمَّا حُصِدَ الزَّرْعُ وَحُصِّلَ فِي الأَنْدَرِ، أَقْبَلَ سَعْدُونٌ، فَرَأَى حِمَارَهُ مُقَيَّدًا عَلَى الأَنْدَرِ، وَحِمَارَ أَبِي زَكَرِيَّاءَ مُبْعَدًا مِنْهُ، فَعَاتَبَ أَبَا زَكَرِيَّاءَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي اخْتَبَرْتُ حِمَارِي وَحِمَارَكَ فَوَجَدْتُ حِمَارِي آكَلَ مِنْ حِمَارِكَ، فَقَالَ لَهُ: أَوَ مَا حَلَّلَ بَعْضُنَا بَعْضًا؟ قَالَ: ثُمَّ قَسَّمَا مَا حَصَدَاهُ بَيْنَهُمَا، وَأَخَذَ سَعْدُونٌ حِصَّتَهُ وَأَقْبَلَ بِهَا إِلَى الْقَيْرَوَانِ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى أَبْصَرَ أَبَا زَكَرِيَّاءَ، فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ يَا أَبَا زَكَرِيَّاءَ؟ قَالَ لَهُ: بِتُّ بِلَيْلَةٍ طَوِيلَةٍ عَرَضَ الْعَدُوُّ لِقَلْبِي، بِأَنْ سَيَحُولَ السِّعْرُ وَأُصِيبُ فِيهِ، فَأَتَيْتُ لأَبِيعَهُ، وَأَخْرُجَ حَاجًّا، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِمَّنْ يَخْرُجُ إِلَى الْحَجِّ إِلا رِفْقَةً تَخْرُجُ بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ لِسَعْدُونٍ: بِعْ طَعَامِي بِقَرْضِ طَعَامِكَ، فَفَعَلَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُ إِلَى مَوْقِفِ الدَّوَابِّ، فَلَمْ يُوَفَّقْ لَهُ شِرَاءُ دَابَّةٍ، ثُمَّ غَدَا إِلَى الْمَوْقِفِ الْيَوْمَ الثَّانِي، فَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ أَيْضًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَوَجَّهَ مَعَ سَعْدُونٍ وَالْحَاجُّ يُضْرَبُ لَهُمُ الطَّبْلُ وَالنَّاسُ خَارِجُونَ، فَجَعَلَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ كُلَّمَا ضُرِبَ الطَّبْلُ يَقُولُ: يَا لَطِيفُ أَلْطِفْ بِي، يُرَدِّدُهَا كُلَّ مَا سَمِعَ ضَرْبَ الطَّبْلِ، قَالَ سَعْدُونٌ: فَإِذَا جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي أَبِي حَسَّانٍ الْيَحْصِبِيِّ، فَمِلْتُ إِلَيْهِمْ وَسَأَلْتُهُمْ: مَا الَّذِي جَاءَ بِكُمْ إِلَى الْمَوْقِفِ؟ فَقَالُوا لِي: مَوْلًى لَنَا تَجَهَّزَ يُرِيدُ الْحَجَّ فَمَاتَ، فَجِئْنَا نَبِيعُ جِهَازَهُ وَدَابَّتَهُ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُمْ لأَبِي زَكَرِيَّاءَ حِمَارَهُ وَجَمِيعَ حَوَائِجِهِ حَتَّى الْمِخْلاةَ وَالسَّوْطَ، فَوَضَعَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ وَانْطَلَقَ مَعَ الْحَاجِّ.

1 / 73