The Layers of Scholars of Ifriqiya and Tunis
طبقات علماء إفريقية وتونس
Publisher
دار الكتاب اللبناني
Publisher Location
بيروت
Genres
Biographies and Classes
مُعَلِّمُكُمْ، لا تَخِيطُوا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ وَلَّى، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ فَقَالَ لِمُعَلِّمِنَا: مَا كَانَ يَقُولُ لَكَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ؟ فَقَالَ لَهُ: هَذَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ؟ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَيْنَا كَالْغَرِيمِ يَسْأَلُنَا فِي أَنْ نَنْتَقِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ لا نَخِيطُ فِيهِ، فَمَا زَالَ بِنَا حَتَّى تَنَحَّيْنَا مِنْهُ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، شَيْخٌ كَانَ مِنَ الْمُخْبِتِينَ خَامِلُ الذِّكْرِ وَكَانَ مِنَ الْمُجْذُوبِينَ، قَالَ: بَيْنَمَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَبَاحٍ فِي سَفَرٍ إِذْ أَبْصَرَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ السَّاحِلِ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ وَهُمْ بِحَالٍ رَثَّةٍ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِمْ كَالنَّاظِرِ إِلَى فُرْصَةٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى السَّاحِلِيِّ، فَقَالَ لَهُ: كَمْ تَزِيدُنِي عَلَى كِسَائِكَ هَذَا وَأُعْطِيكَ كِسَائِي هَذَا؟ وَكَانَ كِسَاءُ السَّاحِلِيِّ خَلِقًا، وَكِسَاءُ إِسْمَاعِيلَ جَدِيدًا، فَقَالَ لَهُ السَّاحِلِيُّ: مَا عِنْدِي مَا أَزِيدُكَ، مَا عِنْدِي إِلا ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ، فَبَادَرَ إِسْمَاعِيلُ فَأَلْقَى كِسَاءَهُ وَبَادَرَ السَّاحِلِيُّ إِلَى كِسَائِهِ فَأَلْقَاهُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَأَعْطَاهُ الدَّرَاهِمَ الثَّلاثَةَ، فَاشْتَمَلَ إِسْمَاعِيلُ بِذَلِكَ الْكِسَاءِ الْخَلِقِ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَاشْتَرَى فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَ بِهِ بِدِرْهَمٍ، مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الثَّلاثَةِ شَعِيرًا، وَبِدِرْهَمٍ زَيْتًا، وَبِدِرْهَمٍ تِينًا، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ ذَلِكَ بَسِيسَةً، وَجَعَلَهَا فِي جَفْنَةٍ، أَوْ قَالَ: فِي صَحْفَةٍ، ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا إِلَى السَّاحِلِيِّ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ: تَقَرَّبْ أَنْتَ وَأَهْلُكَ وَأَطْفَالُكَ، وَدَفَعَ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْهِمْ فَأَكَلُوهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: بَقِيَتْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُخْرَى، إِلَى أَيِّ مَوْضِعٍ تُرِيدُ؟ فَقَالَ لَهُ السَّاحِلِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ بِصَطْفُورَةَ زَرْعًا فِي مَنْزِلِ فُلانٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَبْلُغَ إِلَيْهَا لَعَلَّي أَعِيشُ أَنَا وَأَهْلِي وَصِبْيَانِي فِيهَا، فَتَرَكَ إِسْمَاعِيلُ الْجِهَةَ الَّتِي كَانَ يَمْضِي
1 / 69