The Layers of Scholars of Ifriqiya and Tunis
طبقات علماء إفريقية وتونس
Publisher
دار الكتاب اللبناني
Publisher Location
بيروت
Genres
Biographies and Classes
فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَرَ عَبْدَ الْخَالِقِ، فَتَوَجَّهَ جِهَةَ دَارِهِ فَإِذَا أَبْوَابُهَا مُفَتَّحَةٌ، وَلَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: تَحَوَّلَ الْبَارِحَةَ بِعِيَالِهِ وَبِوَلِدِهِ وَبِجَمِيعِ مَنْ فِي دَارِهِ إِلَى الْفُنْدُقِ الَّذِي عِنْدَ الْجَامِعِ، قَالَ لِي أَبُو عُثْمَانَ: كَأَنَّهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَمْ يُمْكِنْهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنْ يَكْتَرِيَ دَارًا، لأَنَّ النَّاسَ قَدْ صَارُوا إِلَى فُرُشِهِمْ، فَانْتَقَلَ إِلَى الْفُنْدُقِ حَتَّى تَهَيَّأَ لَهُ كِرَاءُ مَسْكَنٍ وَبَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ بَعْدُ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَغْلَبِ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الْخَالِقِ فَجَاءَهُ، وَكَانَ عَبْدُ الْخَالِقِ رَجُلا طُوَالا آدَمَ غَلِيظًا كَثِيرَ الشَّعْرِ، يَلْبَسُ عِمَامَةً كَأَنَّهَا شُقَّةٌ، فَقَالَ لَهُ الأَمِيرُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَغْلَبِ: بَلَغَنِي أَنَّكَ مِنَ الْعَرَبِ وَأَنَّ لَكَ عِيَالا، فَخُذْ هَذِهِ الْمِائَةَ دِينَارٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْخَالِقِ: أَنَا عَنْهَا غَنِيٌّ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: زِيدُوهُ مِائَةً أُخْرَى، فَقَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ: لَوْ كَانَ لِي حَاجَةٌ لَكَانَ فِي الْمِائَةِ كِفَايَةٌ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ زِيدُوهُ وَعَبْدُ الْخَالِقِ يُكَلِّمُهُ بِالكْلَامِ الأَوَّلِ حَتَّى بَلَغَ خَمْسَ مِائَةٍ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَغْلَبِ: أَفْسَدَكُمُ الْبَرْبَرِيُّ، وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَجَعَلُتُهُ يَرْقُصُ خَلْفِي، يَعْنِي: إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَغْلَبِ بُهْلُولُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ عَبْدُ الْخَالِقِ: فَأَحْسَسْتُ شَعْرِي خَرَجَ مِنْ عِمَامَتِي، ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ، لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَكُنْتُ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الطِّينِ الَّذِي يُعْجَنُ بَيْنَ يَدِكَ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيَّ إِبْرَاهِيُم طِينٌ يُعْجَنُ لِمَرَمَّةٍ.
قَالَ أَبُو الْعَرَبِ: وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنَّ حَمْدُونٍ المْعَرْوفِ بِالْخِرْنِقِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ الْخَالِقِ ذَاتَ يَوْمٍ، وَالْخَيْلُ تَسْتَبِقُ، فَقَالَ لِي: مَحْضَرٌ صَالِحٌ، بَلَغَنِي أَنَّ الْمَلائِكَةَ تَشْهَدُهُ، قَالَ: فَحَضَرْنَاهُ، قَالَ
1 / 66