حدَّثني محمد بن الصلت الكوفي قال: اختصم أبو دلامة مع رجل إلى عافية قاضى أبي جعفر المنصور، فأدعى الرجل عليه، فقال له القاضي: ما تقول؟ قال: اسمع أولًا، وأنشأ يقول:
لقد خاصمتني دهاة الرجال ... وخاصمتها سنة وافيه
فما أدحض الله لي حجةً ... ولا خيب الله لي قافيه
فمن خفت من جوره في القضاء ... فلست أخافك يا عافيه
فغضب وقال: لأشكونك إلى أمير المؤمنين. قال أبو دلامة: ولم تشكوني؟ قال: لأنك هجوتني قال: إذن والله يعزلك. قال عافيه: ولم يعزلني؟ قال: لأنك لا تعرف المدح من الهجاء.
قال: ومدح أبو دلامة المهدي، فلما أنشده سر بذلك وقال: سل حاجتك. فقال له: يا أمير المؤمنين تأمر لي بكلب صيد، قال المهدي: يا ابن الحمقاء وما تصنع بكلب؟ وأية حاجة هذه؟ قال: يا أمير المؤمنين، الحاجة لي أم لك؟ قال: بل لك. قال: فإني أسألك أن تهب لي كلب صيد. فأمر له بكلب، فقال: يا أمير المؤمنين وإن تهيأ لي أن أخرج إلى الصيد أفاخرج راجلًا؟ فأمر له بدابة قال: ومن يسوس الدابة؟ قال: أعطوه سائس. قال: فمن يطبخ لنا في صيدنا؟ قال: أعطوه طباخًا. قال: وهؤلاء كلهم من يعولهم؟ قال: اكتبوا له بمائتي جريب غامرة قال: فما الغامرة يا أمير المؤمنين؟ قال: التي لا شيء فيها، فأنا أكتب لأمير المؤمنين بمائة ألف جريب من صحراء مزيقيا. قال: فمن أبن تريد أن أجعلها لك؟ قال: هب لي جريبًا واحدًا من بيت المال،
1 / 58