قال: «وتدري ما ذاك»، قال: لا، قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى منها (١)» (٢).
فما ظنكم بهذا الفضل وفوقه، ومن تدنو الملائكة إلى صوته، وكيف لا يتنافس في شيء فينال به النعيم، ويرقى بها السليم، وينتكب صاحبه الشيطان الرجيم، الكلمة للخائف منه أمان، وللنجاة ضمان.
وعن ابن مسعود ﵁، عن النبي ﷺ: «إنّ هذا القرآن مأدبة الله، فتعلّموا مأدبته ما استطعتم، إنّ هذا القرآن حبل الله المتين، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسّك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوجّ فيقوّم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الردّ، فاتلوه فإنّ الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر» (٣).
وعنه ﷺ قال: «عرضت عليّ الذنوب فلم أر فيها شيئا أعظم من حامل القرآن وتاركه» (٤).
_________
(١) في الأصل: (عنها)، والمثبت من البخاري.
(٢) أخرجه البخاري معلقا عن الليث (٥٠١٨)، وأخرجه مسلم (٧٩٦) بمعناه مطولا، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص/ ٦٣ - ٦٤)، بنحوه.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص/ ٤٩ - ٥٠).
وأخرجه عبد الرزاق (٦٠١٧)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٣)، والدارمي (٣٣٥٨)، والطبراني في «الكبير» (٩/ ١٣٠) (٨٦٤٦)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٩٨٥)، والحاكم (١/ ٥٥٥)، مع اختلاف في رفعه ووقفه وسياقه.
وأخرج الجزء الأخير منه ابن الضريس في «فضائل القرآن» (ص/ ٤٦ - ٤٧)، باختلاف في بعض ألفاظه.
قال الحاكم (١/ ٥٥٥): صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي بقوله: إبراهيم بن مسلم ضعيف. وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١/ ١٠٩): هذا حديث لا يصح عن رسول الله ﷺ، ويشبه أن يكون من كلام ابن مسعود.
قال الهيثمي (٧/ ١٦٤): رواه الطبراني، وفيه مسلم بن إبراهيم الهجري، وهو متروك.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (١٠/ ٤٧٩)، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث بهذا اللفظ، وهو جزء من حديث أخرجه بمعناه أبو داود (٤٦١)، والترمذي (٢٩١٦)، وأبو يعلى (٤٢٦٥)، وابن خزيمة (١٢٩٧)، من طريق ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس.-
1 / 41