133

Ṭabaqāt al-mashāyikh biʾl-Maghrib li-Abī al-ʿAbbās al-Darjīnī

طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني

Genres

ومن طريف ما يؤثر عنه ما حكى أبو الحسن على بن عبد الحسن التنوخي أنه لما استخلف عمر بن عبد العزيز كتب إلى والي البصرة أن يحضر إياس بن معاوية المدوني، والقاسم بن ربيعة الحوني، ولينظر أيهما أنفذ في الحكم يقلده إياه فلما وقف على الكتاب أحضرهما فقرأه عليهما قال إياس اسأل عني وعنه فقيهي المصر الحسن وابن سرين، واسمع مني ومنه، وقال: قل. فقال بالله الذي لا اله إلا هو- وحلف يمينا مستوفية جامعة لمعاني الحلف - إن إياس بن معاوية أصلح للحكم مني وأنفذ فيه فان كنت عندك صادق فقلده، وان كنت كاذبا فما يحل لك أن تقلد الحكم بين المسلمين من يبارز الله بمثل هذا اليمين كاذبا، فقال إياس: لا تسمع منه أيها الأمير فانك حيث جئت به إلى شفير جهنم فافتدى نفسه بيمين حلف بها كاذبا إن يقع فيها يكفر عنها ويستغفر الله وينجو، فقال الأمير: أو ليس قد فطن بها؟ أنت لها يا ابن إياس، وقلده الحكم بين الناس ولكل من سميناه في طبقتهم مآثر، قد عمر بها صدور الرجال وسطور الدفاتر، ولكلهم في أعلى الدرجات منابر وان غيبت أشخاصهم المقابر.

الطبقة الثالثة 100-150ه : 1- أبو عبيدة مسلم

منهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة -رحمه الله- كبير تلامذة جابر وممن حسنت أخباره والمخابر، تعلم العلوم وعلمها، ورتب الأحاديث وأحكمها، وحافظ في خفية على الدين حتى ظهر على يد الخمسة الميامين، حسب ما تقدم من ذكر دراستهم وحملهم العلوم وما شفى الله به وبهم من الكلوم، وكان عالما مع الزهد في الدنيا والتواضع مع نيل الدرجات العليا، والاعتراف بضيق الباع على ما عليه من الاتساع.

فمن ذلك ما حدث أبو سفيان قال: كان أبو عبيدة يضعف أمر الشفعة يقول لا تحبس على اليتيم حتى يكبر ولا على غائب، قال: فابتلى بها رجل من أصحابه فجاءه يسأله فقال اذهب إلى أشياخ البصرة فاسأل هل فيها لجابر أثر فجاء إلى منزل المحصر(1)، فأخبر أن جابر كان يراها ويوجبها فأمرهم أن يأخذوا بمقول جابر.

Page 30