============================================================
سال من القاضي أسعد بن مسلم أن يجمع بينه وبينه، وكان السلطان إذ ذاك بمدينة الجند، فقال له القاضي: إن علم بذلك لا يوافق عليه، ولكني أحتال عليه من حيث لا يشعر، فاتفق أن الفقيه أحمد المذكور وصل من بلده قرية سهفنة وسيأتي ضبطها في اخر الترجمة الى الجند لصلاة الجمعة فأرسل القاضي إلى السلطان يعلمه بوصوله، وأمره أن يقف في دهليز البستان ولا يترك عنده أحدا من الخدم والغلمان، ففعل السلطان ذلك، ثم أن القاضي خرج هو والفقيه بعد الصلاة يتماشيان تحو بلد الفقيه، وهي قريبة من الجند، وكانت طريقها على باب البسيان الذي فيه السلطان، فلما صارا قريبين منه قال القاضي للفقيه: مل بنا إلى هذا الموضع نستظل فيه ساعة بينما يصل إلينا بعض الأصحاب، فوافقه على ذلك ودخل الدهليز فوجد السلطان قاعدا هنالك و حده، فقام إلى الفقيه وسلم عليه وبش به، ثم سأل منه الدعاء فدعا دعاء مخحتصرا وخرج مسرعا وقد توقع في نفسه انه السلطان وأن القاضي احتال عليه، فعاتبه على ذلك، فقال له: يا سيدي هذا سلطان فيه الخير يحب العلماء والصالحين ولولا ذلك ما طلب الاجتماع بك.
ويروى أن الملك المظفر زاره مرة أخرى الى منزله وسأله ان يطعمه شيئا، فدخل الفقيه موضعا من بيته وأخرج شيئا من الخبز، فأكل منه السلطان ووزيره وحملا منه شيئا على سبيل التبرك فلما خرجا دخلت امرأة الفقيه فرأت بقية الخبز فتعحبت من ذلك إذ لم تكن تعهد في البيت شيئا من ذلك، وكانت له كرامات كثيرة، ولم يزل على السيرة المرضية حتى توفي في شعبان سنة سبعين وستمائة ودفن عند والده بقرية سهفنة بفتح السين المهملة وسكون الهاء وفتح الفاء والنون واخره هاء تأنيت، وهي قرية قريبة من الجند كما تقدم، وكان والده من الأخيار أيضا، وقبراهما هنالك مشهوران مقصودان للزيارة والتبرك، تفع الله بهما امين.
Page 80