============================================================
دراهم في اصطلاح أهل اليمن، ثم صار يجد كل يوم دينارا، وكان ينفق ذلك على الفقراء، فبقي على ذلك سنة، ثم قال له شيخه: سافر إلى الحج ورد الوديعة إلى صاحبها أما قلت لك أخشى أنك تسيء الأدب في زيارة الكثيب؟ فخرج إلى الحج فلما صار بجبال عرفة ظهر له صاحب الدلق، وقال له: هات الوديعة مع بقاء ما تجده إلى أن ترجع إلى بلدك، فرده إليه، ولم يزل يجد ذلك الدينار حتى رجع إلى بلده ومن غريب ما يحكى عنه في أيام النهاية، آنه خرج يوما هو وأصحابه لزيارة قبر النبي هود عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام، فوافق الشيخ سعيد ابن عيسى الحضرمي في جماعة من أصحابه يريدون الزيارة أيضا، فساروا جميعا فلما بلغوا بعض الطريق بدا للشيخ سعيد أن يرجع فرجع هو وأصحابه، ومضى الشيخ أحمد فزاروا ورجعوا، فلما كان بعد أيام خرج كل واحد منهما هو وأصحابه لزيارة القبر المذكور من غير موعد، فالتقوا في بعض الطريق فقال الشيخ أحمد للشيخ سعيد: قد توجب عليك حق للفقراء برجوعك تلك المرة، فقال: لم يتوجب علي حق فقال: بلى قد توجب عليك، فقم وانصف من نفسك، فقام الشيخ سعيد وقال: من أقامنا أقعدناه فقال الشيخ أحمد: ومن أقعدنا ابتليناه، فأصاب كل واحد منهما ما قال لصاحبه، وصار الشيخ أحمد مقعدا إلى أن لقي الله تعالى، وصار الشيخ سعيد مبتليا في جسمه حتى لقي الله تعالى.
قال الإمام اليافعي رحمه الله تعالى: وهذه لعمري أحوال تكل في جنب قطعها السيوف القاطعة، قال: وإنما يقطع الحالان معا إذا كان صاحباهما متكافئين أو قريبين من التكافؤ فإن لم يكونا كذلك قطع القوي دون الضعيف، وقد يقطع السابق دون المسبوق فيما يظهر ثم اعتذر هما بأن قال: والجواب عنهما يحتمل وجهين، إما أن يكون المولى أذن لكل واحد منهما أن يؤدب صاحبه الآخر بإشارة مفهومة عند ذوي الأحوال والمقامات ابتلاء منه سبحانه وتعالى، كما جرى لبني إسرائيل في قتل بعضهم بعضا حين آمروا بذلك، وإما أن يكون كل واحد منهما مفوضا في الحكم
Page 73