============================================================
أبو العباس أحمد بن الجعد الأبيني كان المذكور من كبار مشايخ الطريقة ومشاهير رجال الحقيقة، صاحب سيرة حمودة واثار موجودة، صحب الشيخ سالم بن محمد الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وتخرج به، ولما توفي قصد الشيخ عليا الأهدل الآتي ذكره أيضا إن شاء الله تعالى، و صحبه وانتفع به، تم رجع إلى بلده أبين، وقد ظهرت عليه إمارات القبول، واشتهر آمره وانتشر ذكره، وصحبه جمع كثير عظيم، وانتفعوا به، وله في تلك النواحي ربط كثيرة واتباع ينسبون إليه من شهر وذكر، وكان في بدايته شديد المجاهدة لنفسه يحكى عنه أنه قال: وقعت مرة ملقى على الأرض من شدة الجوع، فجاءت ضبع تجري فلم تجد في جسدي شيئا من اللحم تجرني به.
ويحكى عنه أيضا، آنه مر يوما على جيفة حمار ميت، فنفرت نفسه من ريحه فقال: يا نفس هذه الجيفة أطيب منك، ودخل في جوف الميتة وقعد فيها ساعة ثم خرج ومكث بعد ذلك مدة يشم منه رائحة المسك نفع الله به.
ومما يحكى عنه في أيام بدايته، أنه استأذن شيخه الشيخ سالما في زيارة الكثيب الأبيض، وهو كثيب مبارك في ناحية أبين، مورد لعباد الله الصاحين، ويقال أن فيه قبور جماعة من عباد الله الصالحين أيضا، وله بتلك الناحية شهرة عظيمة، ويجتمع فيه كل سنة في شهر رجب خلق كثير من كل بلد بسبب التبرك، وكان استئذان الشيخ أحمد المذكور من شيخه في غير وقت اجتماع الناس، فلم يأذن له، وقال: اخى أن تسيء الأدب هنالك، فسار إلى الموضع من غير علم شيخه فوجد فيه بعض الصالحين قائما يصلي، فصلى معه صلاة الصبح مقتديا به، ولم يكلمه بشيء، ثم مكت كل واحد منهما في مكانه، ثم أن ذلك الرجل أدخل رأسه في دلقه إلى أن ارتفعت الشمس ولم يرفع رأسه، فمد الشيخ أحمد يده وحرك الدلق فلم يجد فيه أحدا، فأخذه ولبسه ورجع إلى شيخه، فوجد في ذلك اليوم دينارا وهو أربعة
Page 72