============================================================
الذين تقدم ذكرهم في ترجمة الفقيه ابراهيم الفشلي نفع الله بهم أجمعين: أبو العباس أحمد بن علوان الصوفي الشيخ الكبير المشهور الولي العارف المذكور، كان أبوه كاتبأ يخدم الملوك، ونشأ هو على طريقة أبيه من الاشتغال بالكتابة، وقرأ في النحو واللغة وغير ذلك من فنون الأدب، ثم قصد الى باب السلطان ليخدم معه مكان أبيه، فبينما هو في الطريق اذ وقع على كتفه طائر أخضر ومد منقاره الى فمه، ففتح الشيخ فاه فصب فيه الطائر شيئا فابتلعه، ثم رجع من فوره ولزم الخلوة من حينه واعتكف اربعين يوما، ثم خرج وقعد على صخرة عظيمة يذكر الله تعالى، فانفلقت الصخرة عن كف، وسمع قائلا يقول له: صافح هذا الكف، فقال: ولمن هو؟
فقيل له: كف أبي يكر الصديق رضي الله عنه، فصافحه وسمع قائلا يقول له: قد نصبتك شيخا والى ذلك أشار في بعض كلامه يخاطب أصحابه حيت قال: وشيخكم ابو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم ألقى الله تعالى له القبول والمحبة في قلوب العالم وتبعه خلق كثير من الناس، وظهرت كراماته وتواترت مكاشفاته، وكان له كلام حسن في الوعظ على طريق ابن الجوزي حتى كان يقال له جوزي اليمن، وجمع من كلامه في ذلك كتبا كثيرة، وله في التصوف فصول كثيرة أيضا يتكلم فيها على لغات شتى سئل بعض أصحابه عن معرفة الشيخ لتلك اللغات وهو عربي، وأهل بلده لا يعرفون غير العربية، ولم يعلم له خروج عن بلده، فقال: كان روح الشيخ مهبطا لأولياء الله تعالى. ولهم لغات كثيرة يتكلمون بها على لسان الشيخ، فكان ينطق بها كما يقولون. والدليل على ذلك انه كان يكتب كلامه ثم يستعرضه، فما لم يدركه من ذلك غسله، وكان متى علم أن في الحاضرين من لا يفهم كلامه قال: يا قائما في الماء وهو عطشان.
وقال نفع الله به: اذا كانت المحبة قديا لم يؤثر فيها اعتراض البغض
Page 69