273

============================================================

وقال رضي الله عنه: سأل بعض الإخوان عن قوله : القرآن كلام الله منه بدا وإليه يعود، فأجاب المعترف بالتقصير الراجي رحمة ربه السميع البصير أي منه بدأ عمله، وإليه يعود حكمه، بدأ من يفاع الامتناع إلى حضيض الإفهام، لا من جهة يحويها الحد والكيف، ولكن من حيث لا حيث وإليه يرجع كنه علمه لا من طريق كان صامتا فتكلم، ولا متكلما فصمت، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، قال عز وجل من قائل {إليه يرد علم الساعة وإليه يرجع الأمر كله} وما كان علم الساعة والأمر يعزى إلى غيره في علم أهل التحقيق فيرجع، وإنما جعل الوسائط مثتة لاستقامة الحدود والشرائع، تنبيها على فضل أهل الفضل، من نبي ووصي وولي، فتكلم بالقرآن على ألسنة أهل الإيمان، لا بالحرف والصوت وأنموذج عبارة، {ولقد يسرنسا القرآن للذكر فهل من مدكر}، وهو على الحقيقة غير محسدود بالحرف والصوت لقوله تعالى: { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } والباطل يقع على المحدود وغير المحدود منزه عن ذلك، فجرى الجواب من المعترف بالتقصير وقصور العلم بدليل، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.

وقال رضي الله عنه: أما بعد، فإنا نفر سافرنا عن أوطان المحسوسات إلى الحظائر القدسيات، على نجائب الهمم، التي تجري بنغمات التوحيد والتحميد والتمجيد والتفريد والتسبيح والتقديس وبينات الآيات، قد جعلوا زادهم القناعة، وشربهم سلسبيل الطاعة، فأناخوا في رياض الرضا يسمعون ترحيب الملائكة مسلمين سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار. وكلام الشيخ في هذا المعنى كثير وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى.

ومن كراماته نفع الله به، أنه قصده رجل من أهل الوادي زبيد إلى موضعه لما لم يجد في زمانه من هو أشهر منه، فشكا إليه من داء عظيم حصل في رجله قد أعيا الأطباء أمره، فكواه الشيخ بإصبعه بغير نار، بل خط عليه خطوطا وقال له: ما بقيت تشكوه إن شاء الله تعالى، فزال عنه ذلك الوجع من حينه، ثم بعد سبعة أيام

Page 273