============================================================
النجار قال: بينما هو يمشي ذات يوم في مدينة زبيد إذ رأى امرأة على باب بيتها، فتعلق قلبه بها وأزله الشيطان، فدخل عليها فلما دنا منها سمع شيخه الفقيه العالم العارف بالله تعالى الجليل العطاء الوافر التصيب شيخ شيوخنا عبدالله بن أبي بكر الخطيب يقول له وهو في عدن: هكذا تفعل يا حمد! فذهب عنه الشيطان وخرج هاربا وحفظ ببركة الغقيه نفع الله به، وبين الموضعين نحو عشر مراحل، ولم يزل مقسما بعدن حتى اتفق له هنالك قضية، وهي، آنه كان حول مسجده جملة بيوت يعمل فيها الخمر ويتكرر من أهلها الأذى للفقيه وأصحابه، فلما كان ذات يوم، تقدم الفقيه هو وأصحابه إلى البيوت المذكورة وكسروا ما وجدوا فيها من انية الخمر وأراقوها جميعا، وكان على كل بيت مال معلوم للديوان فتقدموا إلى والى البلد وشكوا عليه وهو محمد بن ميكائيل، وكان شابا معجبا بنفسه وله اختصاص بالسلطان، فأرسل جماعة من غلمانه إلى الفقيه فأساؤوا أدبهم عليه، فلم يبت تلك الليلة حتى أصابه مرض القولنج حتى كاد يهلك، وقيل: بل أخذته بطنه حتى قام في ليلته مرارا كثيرة إلى أن أشرف على الموت، فقال له أصحابه: هذا حال الفقيه، فاستدرك نفسك وإلا هلكت، فتحمل إلى الفقيه وطرح نفسه في باب المسجد فخرج إليه الفقيه وقال له: يا صبي ما تتأدب؟ فقال: يا سيدي أنا أستغفر الله تعالى وأتوب إليه فارحمني يرحمك الله، فمسح عليه الفقيه ودعا له فزال ما به ورجع الى بيته في عافية، وكان والده يومئذ في تعز عند السلطان، فلما علم نزل إلى عدن وعتب على ولده ووبخه وقال له: ما تتأدب يا ولدي مع الصالحين؟ ثم جعل يتردد إلى الفقيه ويسأله العفو عن ولده ولم يزل يتلطف به حتى طاب قلبه ثم ان الفقيه لم يقف بعد ذلك في عدن، بل قصد مدينة موزع فأعجبته فتديرها وأكرمه أهلها وبجلوه وعظم قدره وانتشر ذكره، حتى آنه كان من جنى ذنبا عظيما واستجار به لا يقدر أحد أن يناله بمكروه من أرباب الدولة وغيرهم، وكانت وفاته نفع الله به سنة سبع وتسعين وستمائة، ولما دنت وفاته قال لأصحابه: يكون يوم الثلاثاء جلبة عظيمة يا ها من جلبة، وكان ذلك يوم السبت فتوفي يوم الثلاثاء من ذلك الأسبوع، وقبره هنالك مشهور يزار ويتبرك به، وله بها ذرية أخيار مباركون الغالب
Page 182