نصيبهنَّ هيِّن الأشغال بدعوى الضّعف، وجعلن نوعهنَّ مطلوبًا عزيزًا بإيهام العفّة، وجعلن الشجاعة والكرم سيئتين فيهنَّ محمدتين في الرجال، وجعلن نوعهنَّ يُهين ولا يُهان، ويظلم أو يُظلَم فيُعان؛ وعلى هذا القانون يربِّين البنات والبنين، ويتلاعبن بعقول الرِّجال كما يشأن حتى أنهن جعلن الذكور يتوهمون أنَّهن أجمل منهم صورةً. والحاصل أنَّه قد أصاب من سمَّاهنَّ بالنصف المضرِّ! ومن المشاهد أنَّ ضرر النساء بالرجال يترقّى مع الحضارة والمدنية على نسبة التَّرقي المضاعف. فالبدوية تشارك الرجل مناصفةً في الأعمال والثمرات، فتعيش كما يعيش، والحضرية تسلب الرّجل لأجل معيشتها وزينتها اثنين من ثلاث. وتُعينه في أعمال البيت. والمدنية تسلب ثلاثة من أربعة، وتودُّ أن لا تخرج من الفراش، وهكذا تترقَّى بنات العواصم في أسر الرِّجال. وما أصدق بالمدنية الحاضرة في أوروبا؛ أن تسمّى المدنية النسائية، لأنَّ الرِّجال فيها صاروا أنعامًا للنِّساء.
ثمَّ إنَّ الرِّجال تقاسموا مشاقَّ الحياة قسمةً ظالمةً أيضًا، فإنَّ أهل السياسة والأديان ومن يلتحق بهم - وعددهم لا يبلغ الخمسة في المائة - يتمتعون بنصف ما يتجمَّد في دم البشر أو زيادة، يُنفقون ذلك في الرَّفه والإسراف، مثال ذلك: أنَّهم يزيِّنون الشوارع بملايين من المصابيح لمرورهم فيها أحيانًا متراوحين بين الملاهي والمواخير ولا يفكِّرون في ملايين من الفقراء يعيشون في بيوتهم في ظلام.
ثمَّ أهل الصنائع النفيسة والكمالية، والتجار الشَّرهون المحتكرون
1 / 78