إلى درجة النجاح والفلاح، ولا غرو فإنَّ اجتماع نفوذ النسب وقوة الحسب يفعلان ولا عجب شَبَهَ فعل المستبدِّ العادل الذي ينشده الشرقيون، وخصوصًا المسلمون؛ وإن كان العقل لا يجوز أن يتَّصف بالاستبداد مع العدل غير الله وحده، ألا قاتل الله الهمّة السّاقطة التي قد تتسفّل بالإنسان إلى عدم إتعاب الفكر فيما يطلب هل هو ممكن أم هو محال؟!
الأصلاء، باعتبار أكثريتهم، هم جرثومة البلاء في كلِّ قبيلة ومن كلِّ قبيل. لأنَّ بني آدم داموا إخوانًا متساوين إلى أنْ ميَّزت الصُّدفة بعض أفرادهم بكثرة النّسل، فنشأت منها القوات العصبية، ونشأ من تنازعها تميُّز أفراد على أفراد، وحِفْظُ هذه الميزة أوجد الأصلاء. فالأصلاء في عشيرة أو أمة إذا كانوا متقاربي القوات استبدوا على باقي الناس وأسسوا حكومة أشراف، ومتى وُجد بيت من الأصلاء يتميز كثيرًا في القوة على باقي البيوت يستبدُّ وحده ويؤسس الحكومة الفردية المقيدة إذا لباقي البيوت بقية بأس، أو المطلقة إذا لم يبقَ أمامه من يتَّقيه.
بناءً عليه، إذا لم يوجد في أمّة أصلاء بالكلية، أو وجد، ولكن؛ كان لسواد الناس صوتٌ غالب، أقامت تلك لنفسها حكومة انتخابية لا وراثة فيها ابتداءً؛ ولكن، لا يتوالى بعض متولين إلا ويصير أنسالهم أصلاء يتناظرون، كلُّ فريق منهم يسعى لاجتذاب طرف من الأمة استعدادًا للمغالبة وإعادة التاريخ الأول.
1 / 66