المرضية للمستبدّين، ومن هنا ابتدأت في الأمم نغمة التمجّد بالأصالة والأنساب، والمستبدّون المحنّكون يطيلون أمد التجربة بالمناصب الصغيرة فيستعملون قاعدة الترقّي مع التراخي، ويسمّون ذلك برعاية قاعدة القدم، ثمّ يختمون التجريب بإعطاء المتمرّن خدمة يكون فيها رئيسًا مطلقًا ولو في قرية، فإن أظهر مهارة في الاستبداد، وذلك ما يسمونه حكمة الحكومة فبها نعمت، وإلا قالوا عنه: هذا حيوان، يا ضيعة الأمل فيه.
إنَّ للأصالة مشاكلة قوية للمجد والتمجّد فلا بدَّ أن نبحث فيها قليلًا، ثمَّ نعود لموضوع المستبدّ وأعوانه المتمجّدين فأقول:
الأصالة صفة قد يكون لها بعض المزايا من حيث الأميال التي يرثها الأبناء من الآباء، ومن حيث التربية التي تكون مستحكمة في البيت ولو رياءً، ومن حيث إنَّ الأصالة تكون مقرونة غالبًا بشيء من الثروة المعينة على مظاهر الشّهامة والرحمة، ومن حيث تقويتها العلاقة بالأمة والوطن خوف مذلّة الاغتراب، ومن حيث إنَّ أهلها يكونون منظورين دائمًا فيتحاشون المعائب والنقائص بعض التحاشي.
وبيوت الأصالة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: بيوت علم وفضيلة، وبيوت مال وكرم، وبيوت ظلم وإمارة. وهذا الأخير هو القسم الأكثر عددًا والأهمّ موقعًا، وهم -كما سبقت الإشارة إليه- مطمح نظر المستبدّ في الاستعانة وموضع
1 / 64