الوضعيات المنسوبة لنحل الشرق الأقصى، وقد كشفت الآثار أنّ الاستبداد أخفى تاريخ الأديان وجعل أخبار منشئها في ظلام مطبق، حتّى إنَّ أعداء الأديان المتأخرين أمكنهم أن ينكروا أساسًا وجود موسى وعيسى ﵉، كما شوّش الاستبداد في المسلمين تاريخ آل البيت عليهم الرضوان؛ الأمر الذي تولّد عنه ظهور الفِرَق التي تشيَّعت لهم كالإمامية والإسماعيلية والزيدية والحاكمية وغيرهم.
والخلاصة أنّ البِدَع التي شوَّشت الإيمان وشوَّهت الأديان تكاد كُلُّها تتسلسل بعضها من بعض، وتتولّد جميعها من غرض واحد هو المراد، ألا وهو الاستعباد.
والنّاظر المدقّق في تاريخ الإسلام يجد للمستبدّين من الخلفاء والملوك الأولين، وبعض العلماء الأعاجم، وبعض مقلّديهم من العرب المتأخرين أقوالًا افتروها على الله ورسوله تضليلًا للأمة عن سبيل الحكمة، يريدون بها إطفاء نور العلم وإطفاء نور الله، ولكن؛ أبى الله إلا أن يتمّ نوره، فحفظ للمسلمين كتابه الكريم الذي هو شمس العلوم وكنز الحكم من أن تمسّه يد التحريف؛ وهي إحدى معجزاته لأنَّه قال فيها: ﴿إنّا نحن نزَّلنا الذِّكر وإنَّا له لحافظون﴾ فما مسّه المنافقون إلا بالتأويل، وهذا أيضًا من معجزاته، لأنه أخبر عن ذلك في قوله: ﴿فأما الَّذين في قُلُوبهم زَيغٌ فيتَّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾.
وإني أُمثِّل للمطالعين ما فعله الاستبداد في الإسلام، بما حجر على العلماء الحكماء من أن يفسِّروا قسمَي الآلاء والأخلاق تفسيرًا مدقِّقًَا،
1 / 43